اللباس. ومن جهة المعنى أن الحرير إنما جاء النهي عنه من جهة التشبه بالكفار؛ فوجب أن يجتنب الجلوس عليه من ناحية التشبه بهم، وكذلك الالتحاف به لأنه لباس للملتحف به، بخلاف ستور الحرير المعلقة في البيوت لا بأس بها لأنها إنما هي لباس لما ستر بها من الحيطان. واختلف في العلم من الحرير في الثوب، فمن أهل العلم من أجازه لما جاء من أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن الحرير وقال لا تلبسوا منه إلا هكذا وهكذا، وأشار بالسبابة والوسطى» . وروي إجازة ذلك عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في مثل الأصبع والأصبعين والثلاث والأربع، وكرهه جماعة من السلف. وكذلك اختلف السلف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في لباس الخز وما كان في معناه، فمنهم من أجازه، ومنهم من كرهه. وقد مضى تحصيل القول فيه في أول مسألة من سماع ابن القاسم.

واختلف أيضا في إجازة لباس الحرير في الحرب، فأجازه جماعة من الصحابة والتابعين، وهو قول ابن الماجشون وروايته عن مالك، لما في ذلك من المباهاة بالإسلام والإرهاب على العدو، ولما يقي عند القتال من أدل وغيره من السلاح، وهو قول محمد بن عبد الحكم، وحكاه ابن شعبان عن مالك من رواية عيسى عن ابن القاسم عنه، خلاف قول ابن القاسم وروايته عن مالك في رسم حلف من سماعه من كتاب الجهاد. فإن استشهد وهو عليه نزع عنه على مذهب من لا يجيز له لباسه في الجهاد وبالله التوفيق لا شريك له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015