وعلى هذا يحمل غزو صفوان بن أمية مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حنينا والطائف، خلاف قول أصبغ في نوازله إنهم يمنعون من ذلك أشد المنع. وقد ذكر أبو الفرج عن مالك أنه لا بأس على الإمام أن يستعين بالمشركين في قتال المشركين إذا احتاج إلى ذلك. وهو دليل قوله للأنصار: لا حاجة لنا فيهم. وقد روي عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أنه لما بلغه جمع أبي سفيان ليخرج إليه يوم أحد استعان بيهود النضير. فقال لهم: (إنا وأنتم أهل كتاب، وإن لأهل الكتاب النصر على أهل الكتاب، فإما قاتلتم معنا، وإما أعرتمونا سلاحا» فإن غزوا بإذن الإمام أو بغير إذنه منفردين تركت لهم غنيمتهم ولم تخمس، وإن غزوا مع المسلمين في عسكرهم، لم يكن لهم في الغنيمة نصيب، إلا أن يكونوا متكافئين أو يكونوا هم الغالبين فتقسم الغنيمة بينهم وبين المسلمين قبل أن تخمس، ثم يخمس سهم المسلمين خاصة. وأهل الكتاب وغيرهم عند مالك سواء في هذا. وحكى الطحاوي عن أبي حنيفة وأصحابه أنهم أجازوا الاستعانة بأهل الكتاب دون من سواهم من المشركين عبدة الأوثان والمجوس، وصحح الآثار على ذلك. قال: وإنما لم يستعن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بحلفاء الأنصار من يهود، للحلف الذي كان بينهم وبين عبد الله بن أبي المنافق؛ لأنهم خرجوا بذلك من حكم أهل الكتاب، وهو من التأويل البعيد، ولا بأس بأن يستعار السلاح من الكفار، كما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وأجاز ابن حبيب أن يقوى الإمام على من سالمه من أهل الحرب على من لم يسالمه منهم بالقوة والسلاح أن يسايروا عسكر المسلمين ما لم يكونوا في داخله وبسبيل أهله. وقد مضى في أول سماع يحيى من كتاب الجهاد، وبالله التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015