بدر من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا ومن فعل كذا وكذا فله كذا وكذا، وإن كان مالك قد كره ذلك، فإنما كرهه لئلا تفسد نيات الناس في الجهاد لا أنه عنده حرام وقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - للنفر من أصحابه الذين رقى أحدهم سيد حي من أحياء العرب مروا بهم من لدغة لدغ بها على قطيع من الغنم فرقاه فكأنما أنشط من عقال فسألوه عن ذلك: «قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم» .

ولجوازه أربعة شروط متفق عليها، وهي أن يكون الجعل معلوما، وألا ينقد، وألا يضرب للعمل أجل وأن لا يكون للجاعل فيه منفعة إلا بتمامه، وشرط خامس مختلف فيه، وهو أن يكون للجاعل فيه منفعة إذا تم، وهذه الشرائط كلها موجودة في المغارسة على الجعل فوجب أن يجوز، وقد قال ابن دحون: مسائل المغارسة لا أصل لها وفيها غرر وخطار ظاهر، وقد أجازها مالك وأصحابه وللمخالفين عليهم فيها تعلق قوي، لأن أصحاب مالك كلهم منعوا من الغرر والخطر في جميع مسائلهم وأجازوه في هذا وجعلوه من باب الجعل، ومن أصلهم أن لا يجوز الجعل إلا في اليسير، وأجازوه في هذا العمل الكثير، وهو خطر عظيم، وليس قول ابن دحون بصحيح؛ لأنهم إنما منعوا من الغرر الكثير في البيع لنهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن بيع الغرر وعن الخطر والقمار في غير البيع؛ لأنه من ميسر الجاهلية، وأما الجعل فقد جوزته السنة وأجازته الشريعة على ما فيه من الغرر على الشروط التي ذكرناها، وليس من شروط صحته ما ذكره من أنه لا يجوز إلا في اليسير، وإن كان قد قاله عبد الوهاب وغيره، بل يجوز في اليسر والكثير إذا لم يكن للجاعل فيه منفعة إلا بتمامه.

وإنما قال مالك: لا يجوز الجعل على بيع الثياب الكثيرة وإنما يجوز على بيع الثوب والثوبين من أجل أن الثياب الكثيرة إذا أسلمها إليه ليبيعها له بالجعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015