مسائل الكتاب طلبها في موضعها من الكتاب، فإما أن يجد التكلم عليها فيه مستوفى، وإما أن يجد الإحالة على موضعه حيث تقدم.

ولما كمل كتاب الوضوء على هذه الصفة من استيعاب جميع مسائله على نصوصها، والتكلم على كل مسألة منها صغرت أو كبرت بما تفتقر إليه وتكمل به، سررت بما أبان لي من عظيم الفائدة فيه، أنه احتوى مع استيعاب شرح مسائله على شرح عامة مسائل المدونة وتحصيل كثير من أمهاتها لتعلقها بها بما لا مزيد عليه ولا غاية وراءه، وعلمت أنه إن كمل شرح جميع الديوان على هذا الترتيب والنظام، لم يحتج الطالب النبيه فيه إلى شيخ يفتح عليه معنى من معانيه؛ لأني اعتمدت في كل ما تكلمت عليه، بيان كل ما تفتقر المسألة إليه، بكلام مبسوط واضح موجز يسبق إلى الفهم بأيسر تأمل وأدنى تدبر، ورجوت على ذلك المثوبة من الله عز وجل، فأجهدت نفسي في التمادي على شرح بقيته حرصا وإقبالا، فتماديت لا آوي إلى راحة متى ما تفرغت من ليل أو نهار، فكلما أكملت منه كتابا ازددت من التمادي على بقيته حرصا وإقبالا، فتماديت إلى أن أكملت رزمة الصلاة، ورزمة النكاح، ورزمة البيوع، وشرعت في رزمة الأقضية، امتحنت بتولي القضاء، وذلك في جمادى الأولى من سنة إحدى عشرة وخمسمائة، فشغلتني أمور المسلمين عما كنت بسبيله من ذلك، ولم أقدر من التفرغ إليه على أكثر من يوم واحد في الجمعة اعتزلت فيه عن الناس إلا فيما لم يكن منه بد، فما كمل لي على هذا منه في مدة تولية القضاء، وذلك أربعة أعوام غير أيام، إلا نحو أربعة كتب أو خمسة، فأيست من تمامه في بقية عمري، إلا أن يريحني الله عز وجل من ولاية القضاء، وكنت من ذلك تحت إشفاق شديد وكرب عظيم، وذكرت ذلك لأمير المسلمين [وناصر الدين] أبي الحسن علي بن يوسف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015