ليس الأئمة سبب الاختلاف بل هو من غلاة المقلدين

...

فقول المعترض: "واعلم أن الاختلاف في الفروع والقياس ليس من محدثات الأئمة الأربعة" يشير به إلى أن هناك أناساً يقولون: إن الأئمة الأربعة هم سبب الاختلاف الواقع بين متعصبة المذاهب الأربعة، ومن تشعب منها من الفرق الضالة. وهذا من المعترض افتراء وتعريض بالأئمة الأربعة، ينزهون عنه وإنما يقع الذم على المحدثين لهذا الاختلاف والتفرق بين المسلمين. فقد ابتدعوا في دين الله بدعاً لم يأذن بها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك يدعون أنهم من أتباع الأئمة الأربعة، مع مخالفتهم للأئمة في أصول الدين وفروعه. وهذا المعترض يقول: إن اختلاف الغلاة من المقلدين، ومن عداهم من أهل الأهواء كاختلاف الصحابة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبعده. فقد كذب على الصحابة رضي الله عنهم وأعظم الفرية فيما زعمه إذ جعل ما يقع بين الصحابة رضي الله عنهم من اختلاف في سبيل الوقوف على دليل الحكم من الكتاب والسنة حجة في جواز اختلاف هؤلاء المبتدعين، ومن تبعهم من غلاة المقلدين {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} [الكهف، الآية:5] فما كان اختلاف أصحاب رسول الله تعصباً لمذهب أو لقول قائل غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس ما يقع بينهم يسمى اختلافاً بل هو بحث وتحقيق لحكم الله وحكم رسوله. فإذا بان لهم الحكم مع من كان قابلوه بالرضا والتسليم، لا يطلبون له تأويلاً أو تعليلاً لموافقة مذهب انتحلوه، كما عليه غلاة أهل التقليد، وهذا معروف مشهور من سيرة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجهله إلا أحمق، كصاحب هذه الرسالة: الحاج مختار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015