التقليد قبول قول بلا حجة

...

وقال الغزالي في "المستصفى": التقليد هو قبول قول بلا حجة، وليس ذلك طريقاً إلى العلم، لا في الأصول ولا في الفروع. وذهب الحشوية والتعليمية إلى أن طريق معرفة الحق التقليد. وأن ذلك هو الواجب وأن النظر والبحث حرام. ويدل على بطلان مذهبهم مسالك:

الأول: أن صدق المقلد لا يعلم ضرورة فلا بد من دليل، ودليل الصدق المعجزة. فيعلم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم بمعجزته وصدق كلام الله بإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن صدقه وصدق أهل الإجماع بإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن عصمتهم. فحيث لم تقم حجة ولم يعلم الصدق بضرورة ولا دليل فالاتباع فيه اعتماد على الجهل.

المسلك الثاني: أن يقال: أتحيلون الخطأ على مقلدكم أم تجوزونه؟ فإن جوزتموه فأنتم شاكون في صحة مذهبكم وإن أحلتموه فبم عرفتم استحالته؟ أبضرورة، أم بنظر أم بتقليد؟ ولا ضرورة ولا دليل. فإن قلدتموه في قوله: إن مذهبه حق، فبم عرفتم صدقه في تصديق نفسه؟ وإن قلدتم غيره فبم عرفتم صدق المقلد الآخر؟ وإن عولتم على سكون النفس إلى قوله، فبم تفرقون بين سكون نفوسكم وسكون نفوس النصارى واليهود؟ وبم تفرقون بين قول مقلدكم إني صادق محق، وبين قول مخالفيكم؟

ويقال لهم أيضاً في إيجاب التقليد: هل تعلمون وجوب التقليد أم لا؟ فإن لم تعلموا فلم قلدتم؟ وإن علمتم فبضرورة أو نظر أو تقليد؟ ويعود عليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015