البواكير (صفحة 312)

يميناً وشمالاً، ثم قلت له: ألك في أن تسمع طفلة صغيرة تسأل عن الخنساء وتَتَقصّى حديثها، وترجو أن تكون مثلها؟

قال: ما أرغبني في ذلك!

فناديت: يا فلانة، أقبلي.

فجاءت تعدو، وجاء معها أخ لها في الصف الخامس، أي أنه سيكون مشهوداً له بعد ثلاثة أشهر بأنه أكمل الدراسة الابتدائية. فسرّني أن يأتي معها وقلت في نفسي: لعل الصغيرة تعجز أو تجبن عن الجواب، فيجيب هذا ولا تَسْوَدُّ وجوهنا أمام ضيفنا.

وآنسها الضيف ولاطفها ثم قال: يا بنيّة، بلغني عنكِ أنك تحبين التاريخ، وإني سائلك سؤالاً هيناً، فإذا أنت عرفتِه فلك هذه السُّكَّرة. وأخرج لها سكَّرة محشوَّة سال لها لعاب الطفلة، فقالت: سَلْ.

فقال: وإني مسهلٌّ عليك السؤال، ما اسم والد النبي صلى الله عليه وسلم؟

قالت: لا أدري.

قال: من هو أبو بكر؟

قالت: ما هذا تاريخنا. نحن لم نصل إلى هذا، سلني عن الحثّيين، عن العبرانيين، عن ...

فكاد يطير عقل الرجل من رأسه، وما من رجل عربي مسلم لا يطير لمثل هذا عقله، وقال لي: أفتقرأ ناشئتكم تاريخ الحثّيين والعبرانيين قبل أن تعرف سيرة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015