البواكير (صفحة 206)

وقد نجحت بحمد الله هذه الأمنيّة وأصبح في دمشق هيئة تدعى «لجنة الطلبة»، وأصبح من الواجب علينا أن نقدم إليها الرأي الذي نراه لنجاحها، بعد أن نقدم لها شكرنا على اهتمامها بأمر المصلحة العامة في وقت شغلت الناسَ فيه مصالحُهم الخاصة.

* * *

وأنا أعتقد أن من الواجب على كل سوري أن يعمل في سبيل القضية كما يعتقد بذلك إخواننا أعضاء اللجنة، ولكني أختلف معهم بأنهم يرون العمل منحصراً في الإضراب، وأراه أنا أوسع من ذلك وأشمل. وأحسب الحق فيما أرى، لأن الجبهة الوطنية -كما تشتمل الكتّاب والصحفيين والزعماء- تشمل الأستاذَ الذي يبثّ روح الوطنية في ثنايا دروسه وينشئ من الثقافة الصحيحة أدمغة وعقولاً، والتلميذَ الذي يَجِدُّ في درسه ويتسلح بسلاح العلم يقوده الإيمان، والصانعَ الذي يُغني أمته عن مصنوعات الأجانب، والتاجرَ الذي يفسح المجال للمنتجين الوطنيين والمستهلكين الوطنيين ويحفظ الأموال الوطنية من التسرب إلى الخارج، والموظفَ الشريف الذي لا يعرف إلا واجبه ولا يراقب إلا ربه ... وقانون توزيع الأعمال هو الناظم لسير هذه الجبهة، فلو أن المدرس جلس في دكان التاجر، والموظف أخذ مكان الصانع، والتلميذ استولى على منبر الزعيم، لفسدت الأعمال واضطرب كل شيء.

وإذن تكون مهمة التلميذ هي الدرس قبل كل شيء، والدرس لا يكون إلا في هدوء؛ فيجب على لجنة الطلبة أن يكون ضمان الهدوء أولَ غاية لها لتؤمّن الغاية المتوخّاة من المدارس، وهي الثقافة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015