فقوله: "غير مفسدها"، احتراس عن المطر الذي يسبب الخراب والدمار؛ لأن الديمة هي المطر المسترسل، وتهمي بمعنى: تسيل، والمطر إذا كثر وزاد عن حده سبب الخراب والدمار، فدفع الشاعر هذا التوهم بقوله: "غير مفسدها"، ومما جاء من هذا النوع في النظم الكريم قول الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} (النساء: 95) فقوله جل وعلا: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} احتراس يدفع توهم أن القاعد بعذر داخل في مفهوم عدم الاستواء المذكور، ومثله قوله تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} (النمل: 12) فقوله: {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} احتراس من نحو البهق والبرص.

هذا، ومن صور الإطناب أيضًا: التتميم، وهو أن يؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة، مثل المفعول أو الحال أو الجار والمجرور، ونحو ذلك مما ليس بجملة مستقلة، ولا ركن من أركان الكلام، وذلك لإفادة نكتة بلاغية كما في قول الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (الإنسان: 8) وقوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} (البقرة: 177) وقوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (آل عمران: 92) فإن قوله عز من قائل: {عَلَى حُبِّهِ} {مِمَّا تُحِبُّونَ} فضلة، وتركها لا يجعل الكلام موهمًا خلاف المقصود، وقد أتي بها في النظم الكريم لنكتة بلاغية، وهي إفادة المبالغة في مدح هؤلاء الذين يُؤثرون على أنفسهم ويطعمون وينفقون مالًا قد أحبوه وطعامًا قد اشتهوه وأرادوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015