والتكرمة، فيعتقد أنه يستوجب ذلك ويستحقه "وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ".

ولما تقدم في القيامة إخباره تعالى عن حال منكري البعث عنادا واستكبارا

وتعاميا عن النظر والاعتبار "أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ"

وقوله بعد: (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)

أي يتبختر عتوا واستكبار، وفرحا وتجبرا، وتعريفه بحاله التي لو ذكر

منها لما كان منه ما وصف، وذلك قوله: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) .

ثم أتبع ذلك بما هو أعرق في التوبيخ وأوغل في التعريف وهو أنه قد كان لا شىء، فلا نطفة ولا علقة، ثم أنعم عليه بنعمة الإيجاد

ونقله تعالى من طور إلى طور فجعله نطفة من ماء مهين في قرار مكين، ثم كان

علقة ثم مضعة إلى إخراجه وتسويته خلقا آخر فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، فمن اعتبر اتصافه بالعدم ثم تقلبه في هذه الأطوار المستنكف حالها، والواضح فناؤها واضمحلالها، وأمده الله بتوفيقه، عرف حرمان من وصف في قوله: (ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) .

فسبحان الله ما أعظم حلمه أكرم رفقه، ثم بين تعالى أن ما جعله للإنسان من السمع والبصر ابتلاء له، ومن إدراكه أدركه الغلط وارتكب

الشطط.

سورة المرسلات

أقسم تعالى بالملائكة المتتابعين في الإرسال والرياح المسخرة والآتية بالمطر

والملائكة الفارقة بما تنزل به بين الحق والباطل، والملقيات الذكر بالوحي إلى الأنبياء إعذارا من الله وإنذارا: أقسم تعالى بما ذكره من مخلوقاته على صدق الموعود به في قوله: "إنا اعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا.... الآية".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015