كَضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ التَّمَامِ، وَمَضَى الشُّعَاعُ وَبَقِيَ جِرْمُهُ يَتَمَوَّجُ نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فِي ذِرَاعٍ بِرَأْيِ الْعَيْنِ، ثُمَّ تَوَارَى بَعْدَ سَاعَةٍ.

وَفِي هَذَا الشَّهْرِ قَدِمَ الْحُجَّاجُ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى بَغْدَادَ لِيَسِيرُوا إِلَى الْحِجَازِ، فَبَلَغَهُمْ عَيْثُ الْأَعْرَابِ بِالْفَسَادِ، وَأَنَّهُ لَا قَاهِرَ لَهُمْ وَلَا نَاظِرَ يَنْظُرُ فِي أُمُورِهِمْ، فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَلَمْ يَحُجَّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ أَحَدٌ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ وُلِدَ لِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ ابْنَانِ تَوْأَمَانِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ، وَبَقِيَ الْآخَرُ حَتَّى قَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ، وَلُقِّبَ مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ وَحَجَّ الْمِصْرِيُّونَ فِيهَا بِالنَّاسِ.

[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

أَبُو الْفَتْحِ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّيٍّ الْمَوْصِلِيُّ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ

صَاحِبُ التَّصَانِيفِ الْفَائِقَةِ الْمُتَدَاوَلَةِ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَكَانَ أَبُوهُ جِنِّيٌّ عَبْدًا رُومِيًّا مَمْلُوكًا لِسُلَيْمَانَ بْنِ فَهْدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَزْدِيِّ الْمَوْصِّلِيِّ. وَمِنْ شِعْرِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ:

فَإِنْ أُصْبِحْ بِلَا نَسَبٍ ... فَعِلْمِي فِي الْوَرَى نَسَبِي

عَلَى أَنِّي أَؤُولُ إِلَى ... قُرُومٍ سَاَدَةٍ نُجُبِ

قَيَاصِرَةٍ إِذَا نَطَقُوا ... أَرَمَّ الدَّهْرُ ذُو الْخُطُبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015