وَاللِّوَاءِ وَأُبَّهَةِ الْمُلْكِ.

وَفِيهَا قَتَلَ الْقَاهِرُ بِاللَّهِ أَمِيرَيْنِ كَبِيرَيْنِ ; وَهَمَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النُّوبَخْتِيُّ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ أَشَارَ عَلَى الْأُمَرَاءِ بِخِلَافَةِ الْقَاهِرِ، وَأَبُو السَّرَايَا بْنُ حَمْدَانَ أَصْغَرُ وَلَدِ أَبِيهِ، وَكَانَ فِي نَفْسِ الْقَاهِرِ مِنْهُمَا ; بِسَبَبِ أَنَّهُمَا زَايَدَاهُ مَرَّةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَلِيَ الْخِلَافَةَ فِي جَارِيَتَيْنِ مُغَنِّيَتَيْنِ، فَاسْتَدْعَاهُمَا إِلَى الْمُسَامَرَةِ فَتَطَيَّبَا وَحَضَرَا، فَأَمَرَ بِإِلْقَائِهِمَا فِي بِئْرٍ هُنَالِكَ، فَتَضَرَّعَا إِلَيْهِ فَلَمْ يَرْحَمْهُمَا، بَلْ أُلْقِيَا فِيهَا، وَطَيَّنَهَا عَلَيْهِمَا.

ذِكْرُ خَلْعِ الْقَاهِرِ وَسَمْلِ عَيْنَيْهِ

وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الْوَزِيرَ أَبَا عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ كَانَ قَدْ هَرَبَ مِنَ الْقَاهِرِ حِينَ قَبَضَ عَلَى مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ، وَاخْتَفَى فِي دَارِهِ، وَكَانَ يُرَاسِلُ الْجُنْدَ وَيُكَاتِبُهُمْ وَيُغْرِيهِمْ بِالْقَاهِرِ، وَيُخَوِّفُهُمْ سَطْوَتَهُ وَإِقْدَامَهُ وَسُرْعَةَ بَطْشِهِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْقَاهِرَ قَدْ أَعَدَّ لِأَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ أَمَاكِنَ يَسْجِنُهُمْ فِيهَا، فَهَيَّجَهُمْ ذَلِكَ، وَأَشَبَهُمْ عَلَى الْقَبْضِ عَلَى الْقَاهِرِ، فَاجْتَمَعُوا، وَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ عَلَى مُنَاجَزَتِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، وَرَكِبُوا مَعَ الْأَمِيرِ الْمَعْرُوفِ بِسِيمَا، وَقَصَدُوا دَارَ الْخِلَافَةِ فَأَحَاطُوا بِهَا، ثُمَّ هَجَمُوا عَلَى الْقَاهِرِ مِنْ سَائِرِ أَبْوَابِهَا، فَخَرَجَ الْوَزِيرُ الْخَصِيبِيُّ مُسْتَتِرًا فِي زِيِّ امْرَأَةٍ، وَانْهَزَمَ الْقَاهِرُ وَهُوَ مَخْمُورٌ، فَاخْتَفَى فِي سَطْحِ حَمَّامٍ، فَظَهَرُوا عَلَيْهِ فَقَبَضُوهُ وَحَبَسُوهُ فِي مَكَانِ طَرِيفٍ السُّبْكَرِيِّ، وَأَخْرَجُوا طَرِيفًا، وَاضْطَرَبَتْ بَغْدَادُ وَنُهِبَتْ، وَذَلِكَ يَوْمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015