[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]

[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

فِيهَا كَانَ خَلْعُ الْمُقْتَدِرِ وَتَوْلِيَةُ الْقَاهِرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ أَخِي الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ.

فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اشْتَدَّتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ وَالْخَلِيفَةِ، فَالْتَفَّ الْأُمَرَاءُ عَلَى مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ وَتَفَاقَمَ الْحَالُ وَآلَ إِلَى أَنِ اجْتَمَعُوا عَلَى خَلْعِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ وَتَوْلِيَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ، فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِهَا، وَلَقَّبُوهُ الْقَاهِرَ بِاللَّهِ، وَذَلِكَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقُلِّدَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ وِزَارَتَهُ، وَنُهِبَتْ دَارُ الْمُقْتَدِرِ، وَأَخَذُوا مِنْهَا شَيْئًا كَثِيرًا، وَوُجِدَ لِأُمِّ الْمُقْتَدِرِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ قَدْ دَفَنَتْهَا فِي قَبْرٍ بِتُرْبَتِهَا، فَحُمِلَتْ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَأُخْرِجَ الْمُقْتَدِرُ وَأُمُّهُ وَخَالَتُهُ وَخَوَاصُّ جَوَارِيهِ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مُحَاصَرَةِ دَارِ الْخِلَافَةِ، وَهَرَبِ مَنْ كَانَ بِهَا مِنَ الْحَجَبَةِ وَالْخَدَمِ مِنْهَا، وَوَلِيَ نَازُوكُ الْحُجُوبَةَ مُضَافًا إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ الشُّرْطَةِ، وَأُلْزِمَ الْمُقْتَدِرَ بِأَنْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ كِتَابًا بِالْخَلْعِ مِنَ الْخِلَافَةِ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ جَمَاعَةً مِنَ الْأُمَرَاءِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ إِلَى الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، فَقَالَ لِوَلَدِهِ أَبِي الْحُسَيْنِ: احْتَفِظْ بِهَذَا الْكِتَابِ، فَلَا يَرَيَنَّهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. فَلَمَّا أُعِيدَ الْمُقْتَدِرُ إِلَى الْخِلَافَةِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ رَدَّهُ إِلَيْهِ، فَشَكَرَهُ عَلَى ذَلِكَ جِدًّا وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الْقُضَاةِ. وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنَ الْمُحَرَّمِ جَلَسَ الْقَاهِرُ بِاللَّهِ فِي مَنْصِبِ الْخِلَافَةِ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْوَزِيرُ أَبُو عَلِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015