[سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ]

[مَا وَقَعَتْ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

فِي صِفْرٍ مِنْهَا دَخَلَ الْخَلِيفَةُ الْمُتَوَكِّلُ إِلَى مَدِينَةِ دِمَشْقَ فِي أُبَّهَةِ الْخِلَافَةِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا وَكَانَ عَازِمًا عَلَى الْإِقَامَةِ بِهَا وَأَمَرَ بِنَقْلِ دَوَاوِينِ الْمُلْكِ إِلَيْهَا، وَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْقُصُورِ بِهَا فَبُنِيَتْ بِطَرِيقِ دَارَيَّا، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَوْخَمَهَا، وَرَأَى أَنَّ هَوَاءَهَا بَارِدٌ نَدِيٌّ، وَمَاءَهَا ثَقِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَوَاءِ الْعِرَاقِ وَمَائِهِ، وَرَأَى الْهَوَاءَ بِهَا يَتَحَرَّكُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ، فَلَا يَزَالُ فِي اشْتِدَادٍ وَغُبَارٍ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ ثُلْثِ اللَّيْلِ، وَرَأَى كَثْرَةَ الْبَرَاغِيثِ بِهَا، وَدَخَلَ عَلَيْهِ فَصْلُ الشِّتَاءِ فَرَأَى مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْطَارِ وَالثُّلُوجِ أَمْرًا عَجِيبًا، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ وَهُوَ بِهَا، وَانْقَطَعَتِ الْأَجْلَابُ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْأَمْطَارِ وَالثُّلُوجِ، فَضَجِرَ مِنْهَا، فَجَهَّزَ بُغَا إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ آخِرِ السَّنَةِ إِلَى سَامَرَّا بَعْدَمَا أَقَامَ بِدِمَشْقَ شَهْرَيْنِ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أُتِيَ الْمُتَوَكِّلُ بِالْحَرْبَةِ الَّتِي كَانَتْ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015