مَوْتَهُ، وَأَظْهَرَتْ أَنَّهُ مَرِيضٌ مُدْنِفٌ لَا يُوَصَلُ إِلَيْهِ، وَبَقِيَتْ تُعْلِمُ عَنْهُ بِعَلَامَتِهِ سَوَاءً، وَأَعْلَمَتْ إِلَى أَعْيَانِ الْأُمَرَاءِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِهِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ تُورَانْشَاهْ، وَهُوَ بِحِصْنِ كَيْفَا، فَأَقْدَمُوهُ إِلَيْهِمْ سَرِيعًا.

وَذَلِكَ بِإِشَارَةِ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، مِنْهُمْ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ مَلَّكُوهُ عَلَيْهِمْ، وَبَايَعُوهُ أَجْمَعُونَ، فَرَكِبَ فِي عَصَائِبِ الْمُلْكِ، وَقَاتَلَ الْفِرِنْجَ، فَكَسَرَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الدَّاخِلَةِ، ثُمَّ قَتَلُوهُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ مِنْ مُلْكِهِ عَلَيْهِمْ، ضَرَبَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ - وَهُوَ عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ التُّرْكُمَانِيُّ، فَضَرَبَهُ فِي يَدِهِ، فَقَطَعَ بَعْضَ أَصَابِعِهِ فَهَرَبَ إِلَى قَصْرٍ مِنْ خَشَبٍ فِي الْمُخَيَّمِ، فَحَاصَرُوهُ فِيهِ، وَأَحْرَقُوهُ عَلَيْهِ فَخَرَجَ مِنْ بَابِهِ مُسْتَجِيرًا بِرَسُولِ الْخَلِيفَةِ، فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، فَهَرَبَ إِلَى النِّيلِ، فَانْغَمَرَ فِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقُتِلَ سَرِيعًا شَرَّ قِتْلَةٍ، وَدَاسُوهُ بِأَرْجُلِهِمْ، وَدُفِنَ كَالْجِيفَةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَكَانَ فِيمَنْ ضَرَبَهُ الْبُنْدُقْدَارِيُّ عَلَى كَتِفِهِ، فَخَرَجَ السَّيْفُ مِنْ تَحْتِ إِبِطِهِ الْآخَرِ، وَهُوَ يَسْتَغِيثُ فَلَا يُغَاثُ.

[مَنْ قُتِلَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

وَمِمَّنْ قُتِلَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ:

فَخْرُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ الشَّيْخِ بْنِ حَمُّوَيْهِ

وَكَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا مَهِيبًا وَقُورًا، خَلِيقًا بِالْمُلْكِ كَانَتِ الْأُمَرَاءُ تُعَظِّمُهُ جِدًّا، وَلَوْ دَعَاهُمْ إِلَى مُبَايَعَتِهِ بَعْدَ الصَّالِحِ لَمَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اثْنَانِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ حِمَايَةً لِجَانِبِ بَنِي أَيُّوبَ، قَتَلَتْهُ الدَّاوِيَّةُ مِنَ الْفِرِنْجِ شَهِيدًا قَبْلَ قُدُومِ الْمُعَظَّمِ تُورَانْشَاهْ إِلَى مِصْرَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015