الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ صلّى الله عليه وسلّم النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ وهو نبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلّم، وكونه أُميًّا شرفٌ له، إذ الكتابة وسيلة للعلوم، وقد أُعطي منها ما لم يُعطَ أحَدٌ من العالمين، من غير تعب تعلمها، ولارتفاع الارتياب في نبوته صلّى الله عليه وسلّم، فهي من جملة معجزاته قال تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ ... الآية (?) . قال بعضهم: لما قال الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ طمع فيها كل أحد، حتى إبليس، فلما قال: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ يئس إبليس، وبقيت اليهود والنصارى، فلما قال: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ يئس اليهود والنصارى. هـ.

الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ اسمًا وصفة، ونص ما في التوراة على ما في صحيح البخاري، عن عبد الله بن سلام: «يا أيُّهَا النَبِيُّ إنَّا أرسلَنَاكَ شَاهِدًا ومُبَشَّرًا ونَذِيرًا، وحِرزًا للأمِّيينَ، أنتَ عَبدِي ورَسُولِي، سَمَّيتُكَ المُتَوكلَ، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يُجَازِي بالسَّيِّئةَ السَّيِّئة، ولكِن يَعَفُو ويَصفَحُ، ولَن يَقبِضَهُ الله حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوجاءَ بِأن يقولوا: لا إله إلا الله، فَيفَتَح بِها أعيُنًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقُلُوبًا غُلفًا» (?) .

ومما في التوراة أيضًا، وهو مما أجمع عليه أهل الكتاب، وهو باق في أيديهم إلى الآن أن الملك قد نزل على إبراهيم، فقال له: في هذا العام يولد لك غلام اسمه إسحاق، فقال إبراهيم: يا رب ليت إسماعيل يعيش يخدمك، فقال الله لإبراهيم: ذلك لك، قد استجيب لك في إسماعيل، وأنا أباركه، وأنميه، وأكثره، وأعظمه بماذماذ، وتفسيره:

محمد صلى الله عليه وسلّم.

ومن ذلك مما في التوراة أيضًا: أن الرب- تعالى- جاء من طور سيناء، وطلع على «ساغين» ، وظهر من جبل فاران، ويعنى بطور سيناء: موضع مناجاة موسى، وساغين موضع عيسى، وفاران هي مكة، موضع مولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم، وفي التوراة أيضًا: أن هاجر أم إسماعيل لما غضبت عليها سارة، تراءى لها ملكٌ، فقال لها: يا هاجر، أين تريدين، ومن أين أقبلتِ؟ فقالت: أهرب من سيدتي سارة، فقال لها: يا هاجر، ارجعي إلى سارة، وستحملين وتلدين ولدًا اسمه إسماعيل، وهو يكون عَين الناس، وتكون يده فوق الجميع، وتكون يد الجميع مبسوطة إليه بالخضوع. هـ.

وهذا الذي وعدها الملك إنما ظهر بمبعث النبي صلى الله عليه وسلّم وظهور دينه وعلو مكانه، ولم يكن ذلك لإسماعيل ولا لغيره من أولاده، لكن الأصل يشرف بشرف فرعه، وفي التوراة أيضًا: أن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام: قد أجبت دعاءك في إسماعيل، وباركت عليه، وسيلد اثني عشر عظيمًا، وأجعله لأمة عظيمة. وفي بعض كتبهم: لقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015