وإطفاء نورها، وإن اجتهدوا، كما فعل فرعون وغيره، فعاد عليهم بإعلائها وإظهار نورها، وذلك التكبر صدر منهم بِغَيْرِ الْحَقِّ أي: تكبروا بما ليس بحق، وهو دينهم الباطل.

وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ مُنزلةٍ أو معجزة لا يُؤْمِنُوا بِها لعنادهم، واختلال نظرهم، بسبب انهماكهم في الهوى وحب الجاه، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ أي: طريق الصواب والحق يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا لاستيلاء الشيطان عليهم، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ أي: الضلال يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا أي: يسلكونه ويتبعونه، لأن سجيتهم الضلال، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ أي: ذلك الصرف بسبب تكذيبهم وعدم تدبرهم الآيات.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ أي: وبلقائهم الدار الآخرة، أو: ما وعد الله في الآخرة، حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ لا ينتفعون بها، هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي: لا يجزون إلا مقدار أعمالهم.

وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (?) .

الإشارة: كل من أقامه الله في مقام من المقامات، أو حال من الأحوال، كيفما كان، يقال له: خذ ما آتيتك، واقنع بما أوليتك، وكن من الشاكرين عليه، وإلا سلبناك ما أعطيناك، فالرضا بالقسمة واجب، وطلب باب الفضل والكرم لازب، والأمر مُبهم، والعواقب مُغيبة، ومنتهى المقام على التعيين لا يعلم إلا بعد الموت. وقوله تعالى:

فَخُذْها بِقُوَّةٍ أي: بجد واجتهاد. قال في الإحياء: الأخذ بالجد أن يكون القارئ متجردًا لله عند قراءته، منصرف الهمة إليه عن غيره، وهو يشير للحضور.

وقوله تعالى: يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها قال الورتجبي: يأخذون بأبينها لهم، وهي المحكمات التي توجب العبودية، ويأخذون بمتشابهها التي هي وصف الصفات بحسن الاعتقاد والتسليم فيها، لأن علومها وحقائقها لا تكشف إلا للربانيين. قال تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ... (?) الآية. هـ. وقوله تعالى:

سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ. قال القشيري: سأحرِمُ المتكبرين بركة الاتباع، حتى لا يتلقوا الآيات التي يُكاشَفَون بها بالقبول، ولا يسمعوا ما يُخَاطَبُون به بسمع الإيمان. هـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015