النامية فيه وتطريتها بأنواع النبات والثمرات كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى من الأجداث ونحييها برد النفوس إلى مواد أبدانها بعد جمعها وتطريتها بالقُوى الحسية. قاله البيضاوي.

وقال ابن جزي: هو تمثيل لإخراج الموتى من القبور بإخراج الزرع من الأرض، وقد وقع ذلك في القرآن في مواضع منها: كَذلِكَ النُّشُورُ (?) وكَذلِكَ الْخُرُوجُ (?) . هـ. لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فتعلمون أنَّ مَن قَدَر على ذلك قدر على إحياء الموتى، إذ لا فرق.

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ أي: الأرض الكريمة والتراب الجيد يَخْرُجُ نَباتُهُ بسهولة، حسنًا قويًا نضرًا، بِإِذْنِ رَبِّهِ أي: بمشيئته وقدرته، وَالَّذِي خَبُثَ من الأرض كالحرة والسبخة، لاَ يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً قليلاً عديم النفع، أو عسيرًا بمشقة، كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ نُكررها ونُرددها لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ نعمة الله، فيتفكرون فيها، ويعتبرون بها.

قال البيضاوي: والآية مثل لمن تدبر الآيات وانتفع بها، ولمن لم يرفع إليها رأسًا ولم يتأثر بها، ومثلُه في البخاري في حديث طويل (?) . وقال ابن عباس وغيره: هو ضرب مثل للمؤمن والكافر. وقال ابن جزي:

يحتمل أن يكون المراد ما يقتضيه ظاهر اللفظ، فتكون متممة للمعنى الذي قبلها في المطر، وأن تكون تمثيلاً للقلوب فالطيب: قلب المؤمن، والخبيث: قلب الكافر، وقيل: هما للفِهم والبليد. هـ.

الإشارة: وهو الذي يرسل رياح الهداية، تنشر سحاب الواردات الإلهية والنفحات الربانية، بين يدي معرفته، أو تُبشر بها قبل وصولها، حتى إذا أقلت سحابًا ثقالاً بالعلوم اللدنية، سقناه لقلبٍ ميت بالجهل والهوى، فأنزلنا مما فيه من ماء ذلك الأمطار، فأخرجنا به من ثمرات العلوم وأزهار الحِكَم ونوار اليقين. وفي الحِكَم: «لا تزكين وارداً لم تعلم ثمرته، فليس المقصود من السحابة الأمطار، وإنما المقصود وجود الأثمار» . (كذلك نخرج الموتى) أي:

نحى القلوب الموتى بالجهل، (لعلكم تذكرون) . والبلد الطيب، وهو القلب الطيب، إذا هبت عليه هذه الواردات، ونزلت فيه أمطار النفحات، يُخرج نباته من العلوم والمعارف بِإِذْنِ رَبِّهِ، والذي خَبُثَ من القلوب لا يخرج ما فيه إلا نكدًا- أي: ضعيفًا لعدم تأثره بالواردات والمواعظ.

وقال الورتجبي: ذكر- سبحانه- القلب الذي هو بلد الله الذي مُطر عليه من بحر امتنانه، ويخرج نبات ألوان الحالات والمقامات. ثم قال: وكل قلب بذره الهوى فنباته الشهوات. هـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015