على عادتي. وكان داود من أرمى الناس بالمقلاع، فنزل، وأخذ مخلاته فتقلدها، وأخذ مقلاعه فخرج إلى جالوت، وهو شاكٍ (?) في السلاح، فقال جالوت: أنت يا فتى تخرج إليّ! قال، نعم، قال: هكذا كما تخرج إلى الكلب! قال:

نعم، وأنت أهون، قال: لأطعمن لحمك اليوم الطير والسباع، ثم تدانيا فأدار داود فأخذ مقلاعه وأدخل يده إلى الحجارة، فروى أنها التأمت، وصارت حجراً واحداً، فأخذه ووضعه في المقلاع، وسَمَّى الله، وأداره، ورماه، فأصاب رأس جالوت فقتله، وجزّ رأسه، وجعله في مخلاته، واختلط الناس، وحمل أصحابُ طالوت فكانت الهزيمة.

ثم إن داود جاء يطلب شرطه من طالوت، فقال: حتى تقتل مائتين من هؤلاء الجراجمة (?) الذين يؤذون الناس وتجيئني بسلبهم، فقتل داود منهم مائتين، وجاء بذلك، فدفع إليه امرأته وتخلّى له عن الملك (?) . ولما تمكن داود- عليه السلام- من الملك، أجلى من بقي من قوم جالوت إلى المغرب، فمن بقيتهم البرابرة من الشلوح وسائر الأرياف.

فآتي اللهُ داود الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وهي النبوة، وقيل: صنعة الدروع ومنطق الطير وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ من أنواع العلوم والمعارف والأسرار، وقد دفع الله بأس الكافرين ورد كيدهم في نحرهم، وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ أي: لولا أنَّ الله يدفع بعض الناس ببعض، فينصر المسلمين على الكافرين، ويكف فسادهم، لغلبوا وأفسدوا في الأرض. أو: لولا أن الله نصب السلطان، وأقام الحكام لينصفوا المظلوم من الظالم، ويردوا القوي عن الضعيف، لتواثب الخلق بعضهم على بعض، وأكل القوي الضعيفَ فيفسد النظام. أو: لولا أن الله يدفع بالشهود عن الناس في حفظ الأموال والنفوس والدماء والأعراض، لوقع الفساد في الأرض.

أو: لولا أن الله يدفع بأهل الطاعة والإحسان عن أهل الغفلة والعصيان، لفسدت الأرض بشؤم أهل العصيان.

وفى الخبر عنه صلّى الله عليه وسلم: «إنَّ الله يَدْفَعُ بالمُصلِّي مِنْ أمَّتِي عَمَّنْ لا يصلى، وبمن يُزكيَّ عَمَّنْ لاَ يُزَكِّي، وبمن يصوم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015