رسوله، وَإِمَّا أن يَتُوبُ عَلَيْهِمْ حيث تابوا وندموا، والترديد باعتبار العباد، وفيه دليل على أنَّ كلا الأمرين بإرادته تعالى، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوالهم، حَكِيمٌ فيما فعل بهم.

والمراد بهؤلاء الثلاثة: كَعْب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم الناس ألا يُسلموا عليهم ولا يكلموهم، فلما رأوا ذلك أخلصوا نياتهم، وفوضوا أمرهم إلى الله، فرحمهم «1» ، وسيأتي تمام قصتهم وتوبة الله عليهم بعد، إن شاء الله.

الإشارة: وآخرون مؤخرون عن صحبة المشايخ العارفين، حتى ماتوا مفروقين، إما أن يعذبهم على ما أصروا من المساويء والذنوب، وإما أن يتوب عليهم بفضله وكرمه، إنه عليمٌ لا يخفى عليه ما أسروا، حكيم فيما قضى عليهم من أمر الحجاب بعدله وقضائه.

ثم ذكر أهل مسجد الضرار، فقال:

[سورة التوبة (9) : الآيات 107 الى 110]

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)

قلت: قرأ نافع وابن عامر: بغير واو «2» مبتدأ حُذف خبره، أي: معذبون، أو في: (لا تقم فيه أبداً) ، أو في قوله:

(لا يزال) ، أو صفة لقوله: (وآخرون) ، على من يقول: إن «المُرْجَوْن» غير الثلاثة المخلفين، بل في المنافقين الذين كانوا معرضين للتوبة مع بنيانهم مسجد الضرار. ومن قرأ بالواو فعطف على قوله: (آخرون) ، أو مبتدأ حذف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015