وقال الورتجبي: (إذا نصحوا لله ورسوله) أي: إذا عرّفوا عباد الله طريق الله، والأسوة بسنة رسول الله. هـ. وقد قال الحواريون: يا روح الله، ما النصيحة لله؟ قال: تقديم حق الله على حق الناس. هـ. ولا حرج أيضاً على من لم يجد ما ينفق على الأشياخ من الأموال، فإن من أعطى نفسه كفته عَن إعطاء المال. قال تعالى: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) إلى الحضرة (قلت لا أجد ما أحملكم عليه) فإن بذل الأموال مع المهج أنهض من أحدهما، (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون) ليتحببوا به في قلوب المشايخ. قال بعض المشايخ:

أردنا أن نجعل من يسوق مع من لا يسوق على حد سواء، فلم يعتدلوا. هـ.

وقوله تعالى: (حزناً ألا يجدوا ما ينفقون) ، ليس حزنهم على فوات الدنيا، وإنما حزنهم على تخلفهم عن رسول الله، وعن صحبة أهل الكمال. وقال القشيري: شقَّ عليهم أن يكون على قلب الرسول- عليه الصلاة والسلام- منهم، أو بسببهم، شُغْلٌ، فَتَمنَّوا أن لو أزيحت علتهم، لا ميلاً إلى الدنيا ولكن لئلا يعود إلى قلب الرسول من فعلهم كراهةٌ، ولقد قيل:

مَنْ عَفَّ خَفَّ على الصديق لِقاؤه ... واخو الحوائج وجهه مَمْلولُ. هـ»

ولما رجع- عليه الصلاة والسلام- من غزوة تبوك، جاء المنافقون يعتذرون بالأعذار الكاذبة، ففضحهم الله بقوله:

[سورة التوبة (9) : الآيات 94 الى 96]

يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (96)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015