فانصرف، ولم يصلِّ عليه. وقيل: صلى عليه ثم نزلت. وفي البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما تقدم للصلاة عليه جَذَبَهُ عمر، فقال: كيف تصلي عليه وقد نهاك ربك عن الصلاة على المنافقين؟ فقال: «إِنَّما خَيَّرَنِي ... »

الحديث (?) .

قال البيضاوي: وإنما لم ينه عن التكفين في قميصه، ونهى عن الصلاة عليه لأن الضنة بالقميص كانت مُخِلة بالكرم، ولأنه كان مكافأة لإلباس العباس قميصه حين أُسر ببدر (?) ، والمراد من الصلاة: الدعاء للميت والاستغفار له، وهو ممنوع في حق الكافر، ولذلك رتب النهي على قوله: (مات أبداً) يعني: الموت على الكفر، فإن إحياء الكافرين للتعذيب، دون التمتع، فكأنه لم يحيى. هـ.

واستدل ابن عبد الحكم، بهذه الآية، على وجوب الصلاة على المؤمنين، وقرر اللخميُّ وجه الدليل منها بطريق النهي عن الشيء امر بضده لأن ضد النهي عن الصلاة أمر بها. وأبطله المازري قائلا: وإنا هو من دليل الخطاب، ومفهوم المخالفة، وبيان عدم صحة كونها من باب النهي عن الشيء، أَنَّ شرط ذلك اتحاد متعلق الأمر والنهي، كقولك لزيد: لا تسكن، ومعناه تحرك، ومتعلقهما هنا مختلف، فمتعلق النهي: المنافقون، ومتعلق الأمر:

المؤمنون. وكذا رد كونها دالة مفهوم المخالفة. انظر الحاشية الفاسية.

ثم قال تعالى: وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ أي: ولا تقف على قبره للدفن، أو الزيارة، ثم علل النهي فقال: إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا، والحال أنهم فاسِقُونَ خارجون عن دائرة الإسلام.

ثم نهى عن الاغترار بمالهم فقال: وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ، وقد تقدم، وإنما كرره للتأكيد، وهو حقيق به، فإن الأبصار طامحة إلى الأموال والأولاد، والنفوس مجبولة على حبهما، فكرر النهى عن الاغترار بهما، ويجوز أن تكون هذه فى فريق آخر غير الأول. والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015