الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهَا سَمِعَ رَجُلٌ مِنْ امْرَأَةٍ أَنَّهَا مُطَلَّقَةُ الثَّلَاثِ، وَالزَّوْجُ يَقُولُ لَا بَلْ مُطَلَّقَةُ الثِّنْتَيْنِ لَا يَسَعُ لِمَنْ سَمِعَ مِنْهَا أَنْ يَحْضُرَ نِكَاحَهَا، وَيَمْنَعَهَا مَا اسْتَطَاعَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَشَهِدَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ لَهَا زَوْجًا فَتَزَوَّجَهَا لَا يُفَرِّقُ انْتَهَى، وَفِيهَا قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَتْ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا مِنْهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ أَصَرَّتْ عَلَيْهِ أَمْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا. اهـ.

وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ، وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُهُ لِأَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ لَمْ تَحْتَمِلْهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدِّقُهَا، وَاحْتِمَالُهَا أَنْ يُذْكَرَ لِكُلِّ عِدَّةٍ مَا يُمْكِنُ، وَهُوَ شَهْرَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتِسْعَةٌ، وَثَلَاثُونَ يَوْمًا عِنْدَهُمَا تَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ، وَلَكِنْ فِي الْقُنْيَةِ بِرَقْمِ شب قَالَتْ الْمُعْتَدَّةُ أَسْقَطْت سُقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ تُصَدَّقُ، وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَإِنْ أَخْبَرَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِسَاعَةٍ أَوْ يَوْمٍ فَفِي بق إذَا قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ تُصَدَّقُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَقُلْ سَقَطَ لِاحْتِمَالِهِ بو خِلَافُهُ اهـ فَقَوْلُهُمْ الْإِمْكَانُ بِشَهْرَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ تَقُلْ أَسْقَطْت سُقْطًا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ، وَجَزْمُهُمْ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِقَبُولِ قَوْلِهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ لِاحْتِمَالِ سُقُوطِ سُقْطٍ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ مِنْهَا بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ

[بَابُ الْإِيلَاءِ]

لَمَّا كَانَ الْإِيلَاءُ يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ فِي ثَانِي الْحَالِ كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَوْلَاهُ بِهِ، وَهُوَ لُغَةً الْيَمِينُ، وَشَرْعًا قَوْلُهُ (هُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَهُوَ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ قِسْمَيْ الْإِيلَاءِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ مَا اشْتَمَلَ عَلَى الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ آلَيْت أَنْ لَا أَقْرَبَك أَوْ حَلَفْت أَوْ، وَاَللَّهِ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك مُولٍ قَاصِدًا بِهِ الْإِيجَابَ أَوْ أَنْتِ مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَا مِنْك حَالِفٌ، وَكَذَا الثَّانِي يَئُولُ إلَيْهِ فَانْحَلَّ إلَى الْقَسَمِ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْيَمِينِ، وَهُوَ الْيَمِينُ بِتَعْلِيقِ مَا يَسْتَشِقُّهُ عَلَى الْقُرْبَانِ فَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَبِهَذَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ ابْنُ الْهُمَامِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ بِتَعْلِيقِ مَا لَا يَسْتَشِقُّهُ كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا مَعَ أَنَّ التَّعْرِيفَ شَامِلٌ لَهُ مَعَ أَنَّ فِي كَوْنِهِ مُولِيًا اخْتِلَافًا فَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ كَوْنِهِ مُولِيًا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ مُولِيًا كَمَا فِي الْمَجْمَعِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَلِّفُ قَصَدَ تَعْرِيفَ الْإِيلَاءِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا سَيَأْتِي، وَالتَّعْرِيفُ الشَّامِلُ لِكُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ السَّالِمِ مِنْ الْإِيرَادِ قَوْلُنَا الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِالْقَسَمِ أَوْ بِتَعْلِيقِ مَا يَسْتَشِقُّهُ عَلَى الْقُرْبَانِ.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ الْمَوْلَى مَنْ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ الْكَفَّارَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ قِسْمَيْ الْإِيلَاءِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْنَوِيِّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالشَّامِلُ لَهُمَا الْمَوْلَى مَنْ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ لُزُومِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَأَوْرَدْت عَلَيْهِ إيلَاءَ الذِّمِّيِّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهَا خَلَا عَنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَكِنْ قَالَ فِي الْكَافِي إنَّهُ مَا خَلَا عَنْ حِنْثٍ لَزِمَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي الدَّعَاوَى بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ، وَلَكِنْ مَنَعَ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ مَانِعٌ، وَهُوَ كَوْنُهَا عِبَادَةً، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَمَا إذَا قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ، وَيُمْكِنُهُ قُرْبَانُ ثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ الْإِيلَاءِ) .

(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ فِي كَوْنِهِ مُولِيًا اخْتِلَافًا إلَخْ) جَوَابٌ ثَانٍ قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْجَوَابَيْنِ نَظَرٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْحَقِيقِيِّ فَقَطْ إذْ لَوْ أَرَادَهُ لَذَكَرَ لِلثَّانِي تَعْرِيفًا فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَدْرَجَ الْقِسْمَيْنِ تَحْتَ تَعْرِيفِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَلِفَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِمَعْنَاهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ تَعْرِيفَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ لِذِكْرِ مَا يَشُقُّ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يَشُقُّ كَمَا سَيَأْتِي اهـ.

وَتَأَمَّلْ مَعْنَى قَوْلِهِ لِذِكْرِ مَا يَشُقُّ إلَخْ، وَفِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ وَمَنْ قَالَ إنَّ الْمَقْصُودَ تَعْرِيفُ الْحَقِيقِيِّ دُونَ الْمَعْنَوِيِّ فَقَدْ تَعَسَّفَ فَإِنَّ الْيَمِينَ حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْمَلُ التَّعْلِيقَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَشُرُوحِهِ فَتَخْصِيصُهُ بِالْقَسَمِ ثُمَّ إلْحَاقُ التَّعْلِيقِ بِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ لَا عُدُولٌ عَنْ سَوَاءِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَمَا إذَا قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) عَطْفٌ عَلَى إيلَاءِ الذِّمِّيِّ، وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْأَوَّلِ بِحَاصِلِ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْكَافِي وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ حَتَّى أَجَابَ عَنْهُ بِمَا هُنَا، وَأَجَابَ عَنْ الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَأَجَابَ عَنْهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِيلَاءَ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْعِ الْحَقِّ مِنْ الْمُدَّةِ، وَقَدْ وُجِدَ فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْهُنَّ، وَعَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ لِعَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بِقُرْبَانِ جَمِيعِهِنَّ، وَالْمَوْجُودُ قُرْبَانُ بَعْضِهِنَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَحَاصِلُ هَذَا تَخْصِيصُ اطِّرَادِ الْأَصْلِ بِمَا إذَا حَلَفَ عَلَى وَاحِدَةٍ بِأَدْنَى تَأَمَّلْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015