متعارضان من كل وجه؛ ومن وجد شيئاً من ذلك فليأتي لأؤلف له بينهما «1». S

«1» [شاكر]: إذا تعارض حديثان ظاهراً فإن أمكن الجمع بينهما فلا يُعدل عنه إلى غيره بحال، ويجب العمل بهما معاً.

وقد مثل السيوطي لذلك بحديث "لا عدوى" مع حديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد" وهما حديثان صحيحان:

قال في التدريب "ص 198" [1]: "وقد سلك الناس في الجمع مسالك:

أحدهما: أن هذه الأمراض لا تُعْدِي بطبعها، لكن الله تعالى جعل مخالطة المريض للصحيح سبباً لأعدائه مرضه وقد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب وهذا المسلك هو الذي سلكه ابن الصلاح.

الثاني: أن نفي العدوى باقٍ على عمومه والأمر بالفرار من باب سد الذرائع، لئلا يتفق للذي يخالطه شيء بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية فيظن أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسماً للمادة وهذا المسلك هو الذي اختاره شيخ الإسلام.

الثالث: أن إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص من عموم نفي العدوى فيكون معنى قوله "لا عدوى": أي: إلا من الجذام ونحوه فكأنه قال: لا يعدي شيء إلا فيما تقدم تبييني له أنه يعدي قاله القاضي أبو بكر الباقلاني.

الرابع: أن الأمر بالفرار رعاية لخاطر المجذوم لأنه إذا رأى الصحيح تعظم مصيبته وتزداد حسرته ويؤيده حديث "لا تديموا النظر إلى المجذومين" فإنه محمولٌ على هذا المعنى.

وفيه مسالك أخر.

وأضعفها المسلك الرابع كما هو ظاهر لأن الأمر بالفرار ظاهر في تنفير الصحيح من القرب من المجذوم فهو ينظر فيه لمصلحة الصحيح أولاً، مع قوة التشبيه بالفرار من الأسد لأنه لا يفر الإنسان من الأسد رعاية لخاطر الأسد أيضا! ! =

_____

[1] تدريب (2/ 653)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015