ثامناً: دليل التسوية:

قال تعالى: " أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا " (النازعات، آية: 27، 28) وقال تعالى: " صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ " (النمل، آية: 88) وقال تعالى: " الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ " (السجدة، آية:7).

والتسوية: إحسان الخلق، وإكمال الصنعة بحيث يكون المخلوق مهيئاً لأداء وظيفته وبلوغ كماله المقدَّر عنه وجعله مستوياً معتدلا متناسب الأجزاء بحيث لا يحصل تفاوت يخلّ بالمقصود (?) منها وإذا تأملنا في مظاهر التسوية في الإنسان تبدو في كل عضو من أعضائه فقد أحسن الله خلقه كمال قال تعالى: " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " (التين، آية: 4) منتصب القامة سويَّ الأعضاء حسنها (?)، كما قال سبحانه في موضع آخر " الَّذِي

خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ " (الانفطار، آية: 7، 8)، وإن الجمال والسواء والاعتدال ليبدو في تكوين الإنسان الجسدي، والعقلي والروحي وكل ذلك يتناسق في كيانه في جمال واستواء والأجهزة العامة لتكوين الإنسان الجسدي، كالجهاز العظمي والجهاز العضلي والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي ... إلى غير ذلك من أجهزة الجسم المتعدد، كل منها عجيبة، لا تقاس إليها كل العجائب الصناعية التي يقف الإنسان مدهوشاً أمامها وينسى عجائب ذاته، وهي أضخم وأعمق وأدق بما لا يقاس (?). وخلق الإنسان على هذه الصورة السويّة المعتدلة أمر يستحق التدبر الطويل لأنه خلق لا يملك العقل حياله إلا الإقرار بعظمة الله والشكر له بأن أكرمه بهذه الخلْقة وقد كان قادراً أن يركبه في أي صورة أخرى يشَاؤها (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015