وذلك أمر بديهي بالنسبة للمؤمن، فما دام يؤمن بالله وصدق ما نزل من عنده من الوحي ومادام الله يخبره في كتابه الكريم أنه قد أنزل كتباً سابقة على الأنبياء والرسل، فالواجب أن يؤمن بهذه الكتب المنزلة ويعتقد يقيناً أنها منزلة من عند الله ولو شك في هذه الحقيقة أو كذب بها فلن يكون مؤمناً على الإطلاق وكيف يكون مؤمناً بالله حقاً وهو يكذب خبراً آتياً إليه من الله، كذلك لو قال إنه يؤمن ببعض الكتب أنها منزلة من عند الله حقاً ويشك ويكذب أن غيرها من الكتب منزل من عند الله، فهل يكون مؤمناً بالله ولو زعم ذلك؟

إن من بين دعائم الإيمان التصديق، فكيف يوجد الإيمان إذا كذَّب الإنسان حرفاً واحداً مما أخبره الله به؟ وما قيمة دعواه أنه مؤمن بالله أو مؤمن ببعض الكتب التي أنزلها الله؟ إنها دعوة مردودة على صاحبها لأن الدليل العملي يكذبها، ثم إن الكتب السماوية كلها تحتوي على حقيقة واحدة، وهي الأمر بعبادة الله وحده، لقد اختلفت الكتب المنزلة في اللغات التي نزلت بها، لأن الله يقول: " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ" (إبراهيم، آية: 4).

وهذه الكتب نزلَت على أقوام مختلفين فاختلفت من ثم لغاتهم، كذلك اختلفت هذه الكتب فيما تحتويه من شرائع مختلفة للأقوام المختلفةن قال تعالى: "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم" (المائدة، آية: 48).

ولكن القضية الأصلية في هذه الكتب كلها واحدة لم تتغير، " وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ" (الأنبياء، آية: 25).

وقال تعالى: " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ" (النحل، آية: 36).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015