وقد قال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45)} [ص: 45]، فوصفهم بالقوة [في] (?) العمل، والبصيرة في العلم، وأصل القوة قوة القلب الموجبة لمحبة الخير وبغض الشر، فإن المؤمن قوته في قلبه، وضعفه في جسمه، والمنافق قوته في جسمه، وضعفه في قلبه، فالإيمان لا بد نيه من هذين الأصلين: التصديق بالحق والمحبة له، وهذا (?) أصل القول، وهذا أصل العمل، ثم الحب التام مع القدرة، يستلزم حركة البدن بالقول الظاهر والعمل الظاهر ضرورة كما تقدم، فمن جعل مجرد العلم والتصديق موجبًا لجميع ما يدخل في مسمى الإيمان، وكل ما يسمى (?) إيمانًا فقد غلط، بل لا بد من العلم والحب، والعلم شرط في محبة المحبوب، كما أن الحياة شرط في العلم، لكن لا يلزم من العلم بالشيء والتصديق بثبوته محبته، إن لم يكن بين العلم والمعلوم معنى في المحب أحب لأجله، ومعنى في المحبوب كان محبوبًا لأجله (?).

[الأعمال والأقوال الظاهرة هي موجب ما في القلب]

ولهذا كان الإنسان يصدق بثبوت أشياء كثيرة ويحلمها وهو يبغضها، كما يصدق بوجود الشياطين والكفار ويبغضهم، فنفس (?) التصديق بوجود الشيء لا يقتضي محبته، لكن الله سبحانه يستحق لذاته أن يحب ويعبد، وأن يحب لأجله رسوله، والقلوب فيها معنى يقتضي حبه وطاعته، كما فيها معنى يقتضي العلم والتصديق به، فمن صدق به وبرسوله، ولم يكن محبًا له ولرسوله، لم يكن مؤمنًا حتَّى يكون فيه مع ذلك الحب له ولرسوله، وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له، لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة، والأعمال الظاهرة، فما (?) يظهر على البدن من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015