النوع الثالث والأربعون الوعظ والتذكير والأمر بالبر والتقوى ومخالفة ذلك بالفعل

الذم والوعيد الشديد لمن يأمر الناس بالبر والتقوى ويخالف قوله بفعله

وهذا يقع من كثير من المنتسبين إلى العلم وهو في غيرهم كثير جدًا وأكثر ما يكون ذلك بلسان الحال ويكون أيضًا بالمقال.

فصل

النوع الثالث والأربعون: من مشابهة اليهود ما يفعله كثير من المنتسبين إلى العلم من الوعظ والتذكير وأمر الناس بالبر والتقوى وهم مع ذلك ينسون أنفسهم ويخالفون أقوالهم بأفعالهم السيئة وهؤلاء جديرون بالمقت والعقوبة قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}. وقال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} وفي هذه الآيات أبلغ تقريع وتوبيخ لمن أمر الناس بالبر والتقوى ونسي نفسه.

فليحذر الخطباء والوعاظ والقصاص من سوء عاقبة المخالفة بين الأقوال والأفعال.

وقد وردت أحاديث كثيرة في ذم من يفعل ذلك والوعيد الشديد له في الآخرة.

منها ما في صحيح البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} فتكتب شهادة في أعناقكم فتسئلون عنها يوم القيامة.

وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} قال: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015