أقول: قد أسلفت (ص108) أن عائشة لم تتكلم في هذا الحديث بحرف، وإنما يروى عن رجل يقال له قين الأشجعي [مسند أحمد 382:2] أنه قال لأبي هريرة لما ذكر الحديث «فكيف تصنع إذا جئنا مهراسكم هذا؟» قال أبو هريرة «أعوذ بالله من شرك» كره أبو هريرة أن يقول مثلاً: إن المهراس ليس بإناء، والعادة أن يكون ماء الإناء قليلاً، وما المهراس كثيراً، أو يقول: أرأيت لو كانت يدك ملطخة بالقذر؟ أو يقول: إن وجدت ماء غيره أو وجدت ما تغرف به فذاك وإلا رجوت أن تعذر، أو نحو ذلك، لأن أبا هريرة رض الله عنه كان يتورع تشقيق المشائل، ويدع ذلك لمن هو أجرأ وأشد غوصاً على المعاني فيه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتزم في الوضوء أن يغسل يديه ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء، ثبت ذلك من حديث عثمان وعبد الله بن زيد، ولا يخفى ما في ذلك من رعاية النظافة والصحة

قال أبو رية «ولما سمع لزبير أحاديثه قال: صدق، كذب»

أقول: عزاه إلى البداية 109:8 وهوهناك عن ابن إسحاق بن عمر- أو عثمان - بن عروة بن الزبير عن عروة قال «قال لي أبي - الزبير -أدنني من هذا اليماني - يعني أبا هريرة- فإنه يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدنيته منه، فجعل أبو هريرة يحدث، وجعل الزبير يقول: صدق، كذب. صدق، كذب. قال قلت: يا أبت ماقولك: صدق كذب؟ قال: يا بني إما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أشك فيه، ولكن منها ما يضعه على مواضعه ومنها وما وضعه على غير مواضعه»

أقول: في خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه «إنكم تقرءون هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذ اهتديتم) الآية، وإنكم تضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015