ويُجاب على ذلك بما يلي:

الأول: أنَّه ليس في الآيةِ دليلٌ على ما أُورِدَت الآية من أجله، وهو قصر الصُّحبة على المهاجرين والأنصار قبل الحُديبية، ثمَّ إنَّه جاء في سياق الآية عند المالكي زيادة حرف ((من)) قبل {تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} ، وهو خطأ، وهذا هو الموضع الوحيد في القرآن الذي لَم يأت فيه حرف ((من)) قبل {تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} .

الثاني: جاء في الآية وصْف المهاجرين بالسابقين، وهو يدلُّ على أنَّ المهاجرين فيهم سابقون وفيهم متأخِّرون، وقد ذكر ابنُ كثير في تفسيره عند تفسير هذه الآية قولين في المراد بالسَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار، أحدهما: أنَّهم الذين أدركوا بيعة الرِّضوان عام الحُديبية، والثاني: أنَّهم الذين صلَّوا إلى القبلتين مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقدكان تحويل القبلةِ إلى الكعبة بعد الهجرة بستة عشر شهراً.

وعلى القول الأول يكون المهاجرون المتأخِّرون مَن هاجر بعد الحُديبية وقبل فتح مكة، ومِن هؤلاء خالد بن الوليد رضي الله عنه وغيره، وقد أخرجهم المالكي من الصحبة ذات المدح والثناء، وكذلك الهجرة ذات المدح والثناء.

الثالث: أنَّ الذين اتَّبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بإحسان ينقسمون إلى قسمين: القسم الأول: صحابة، وهم الذين صحبوا الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورأوه.

والثاني: الذين لَم يَصحبوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولَم يرَوه، مِمَّن كان في زمنهم أو بعدهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015