مثل المنعم عليهم والضالين والمغضوب عليهم

على غير علم ولا بصيرة بل على جهل وحسن ظن بالأسلاف فكانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا وأصحاب المثل الثاني هم الذين استحبوا الضلالة على الهدى وآثروا الباطل على الحق وعموا عنه بعد إذ أبصروه وجحدوه بعد أن عرفوه فهذا حال المغضوب عليهم والأول حال الضالين وحال الطائفتين مخالف لحال المنعم عليهم المذكورين في قوله تعالى: (اللَّهُ نور السموات وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ إلى قوله (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (?) فتضمنت الآيات أوصاف الفرق الثلاثة المنعم عليهم وهم أهل النور والضالين وهم أصحاب السراب والمغضوب عليهم وهم أهل الظلمات المتراكمة والله أعلم.

فالمثل الأول من المثلين لأصحاب العمل الباطل الذي لا ينفع، (?) فأولئك أصحاب العمل الباطل وهؤلاء أصحاب العمل الذي لا ينفع والاعتقادات الباطلة وكلاهما مضاد للهدى ودين الحق ولهذا مثل حال الفريق الثاني في تلاطم أمواج الشكوك والشبهات والعلوم الفاسدة في قلوبهم بتلاطم أمواج البحر فيه وأنها أمواج متراكمة من فوقها سحاب مظلم وهكذا أمواج الشكوك والشبه في قلوبهم المظلمة التي قد تراكمت عليها سحب الغي والهوى والباطل فليتدبر اللبيب أحوال الفريقين وليطابق بينهما وبين المثلين يعرف عظمة القرآن وجلاله وأنه تنزيل من حكيم حميد.

وأخبر سبحانه أن الموجب لذلك

أنه لم يجعل لهم نورا (?) بل تركهم على الظلمة التي خلقوا فيها فلم يخرجهم منها إلى النور فإنه سبحانه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، وفي المسند من حديث عبد الله بن عمر (?) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015