الام للشافعي (صفحة 927)

يَبِعْ، وَلَمْ يَهَبْ، أَوْ لَمْ نَعْلَمْهُ بَاعَ، وَلَا وَهَبَ وَحَلَفَ رَبُّ الْعَبْدِ كَتَبَ الْحَاكِمُ بَيِّنَتَهُ إلَى قَاضِي بَلَدٍ غَيْرِ مَكَّةَ فَوَافَقَتْ الصِّفَةُ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ بِالصِّفَةِ، وَلَا يَقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شُهُودٌ يَقْدُمُونَ عَلَيْهِ فَيَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ، وَلَكِنْ إنْ شَاءَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنْ يَسْأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَبْدَ ضَالًّا فَيَبِيعُهُ فِيمَنْ يَزِيدُ وَيَأْمُرُ مَنْ يَشْتَرِيهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِمَكَّةَ بِعَيْنِهِ أَبْرَأَ الْقَاضِي الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ الثَّمَنِ بِإِبْرَاءِ رَبِّ الْعَبْدِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ إنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ، وَقَدْ قِيلَ: يَخْتِمُ فِي رَقَبَةِ هَذَا الْعَبْدِ وَيَضْمَنُهُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِالصِّفَةِ فَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ فَهُوَ لَهُ وَيَفْسَخُ عَنْهُ الضَّمَانَ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ عَلَيْهِ الشُّهُودُ رُدَّ، وَإِنْ هَلَكَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ ضَامِنًا، وَهَذَا يَدْخُلُهُ أَنْ يُفْلِسَ الَّذِي ضَمِنَ وَيَسْتَحِقُّهُ رَبُّهُ فَيَكُونُ الْقَاضِي أَتْلَفَهُ وَيَدْخُلُهُ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ رَبُّهُ، وَهُوَ غَائِبٌ فَإِنْ قَضَى عَلَى الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ بِإِجَازَتِهِ فِي غِيبَتِهِ قَضَى عَلَيْهِ بِأَجْرٍ مَا لَمْ يُغْصَبْ، وَلَمْ يُسْتَأْجَرْ، وَإِنْ أَبْطَلَ عَنْهُ كَانَ قَدْ مَنَعَ هَذَا حَقَّهُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَهُ وَيَدْخُلُهُ أَنْ يَكُونَ جَارِيَةً فَارِهَةً لَعَلَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ فَيُخَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَجُلٍ يَغِيبُ عَلَيْهَا، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا اعْتَرَفَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ عَلَيْهَا بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ قَضَى لَهُ الْقَاضِي بِهَا فَإِنْ ادَّعَى الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ لَمْ يَحْبِسْ الدَّابَّةَ عَنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهَا، وَلَمْ يَبْعَثْ بِهَا إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهَا الْبَيْعُ كَانَ الْبَلَدُ قَرِيبًا، أَوْ بَعِيدًا، وَلَا أَعْمِدُ إلَى مَالِ رَجُلٍ فَأَبْعَثُ بِهِ إلَى الْبَلَدِ لَعَلَّهُ يُتْلَفُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ بِدَعْوَى إنْسَانٍ لَا أَدْرِي كَذَبَ أَمْ صَدَقَ، وَلَوْ عَلِمْت أَنَّهُ صَدَقَ مَا كَانَ لِي أَنْ أُخْرِجَهَا مِنْ يَدَيْ مَالِكهَا نَظَرًا لِهَذَا أَنْ لَا يُضَيِّعَ حَقَّهُ عَلَى الْمُغْتَصِبِ لَا تُمْنَعُ الْحُقُوقُ بِالظُّنُونِ، وَلَا تُمْلَكُ بِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي اسْتَحَقَّ الدَّابَّةَ مُسَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُسَافِرٍ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا، وَلَا تُنْزَعُ مِنْ يَدَيْهِ إلَّا أَنْ يَطِيبَ نَفْسًا عَنْهَا، وَلَوْ أُعْطِيَ قِيمَتَهَا أَضْعَافًا؛ لِأَنَّا لَا نُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَتِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَيَأْكُلُ اللُّقَطَةَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَمَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ، فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَهُوَ أَيْسَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَوْ كَأَيْسَرِهِمْ وَجَدَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانُونَ دِينَارًا أَنْ يَأْكُلَهَا (أَخْبَرَنَا) الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ «عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ وَجَدَ دِينَارًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ فَلَمْ يَعْتَرِفْ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْرَمَهُ» .

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صُلْبِيَّةِ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَدْ رَوَى «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِذْنَ بِأَكْلِ اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا سَنَةً» عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعِيَاضُ بْنُ حَمَّادٍ الْمُجَاشِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالْقَلِيلُ مِنْ اللُّقَطَةِ وَالْكَثِيرُ سَوَاءٌ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ فَأَمَّا أَنْ آمُرَ الْمُلْتَقِطَ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَمَا أَنْصَفْت الْمُلْتَقِطَ وَلَا الْمُلْتَقَطَ عَنْهُ إنْ فَعَلْت، إنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مَالًا مِنْ مَالِ الْمُلْتَقِطِ بِحَالٍ فَلَمْ آمُرْهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ وَأَنَا لَا آمُرُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَلَا بِمِيرَاثِهِ مِنْ أَبِيهِ، وَإِنْ أَمَرْته بِالصَّدَقَةِ فَكَيْفَ أُضَمِّنُهُ مَا آمُرُهُ بِإِتْلَافِهِ؟ ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ مَالًا مِنْ مَالِ الْمُلْتَقَطِ عَنْهُ فَكَيْفَ آمُرُ الْمُلْتَقِطَ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ؟ ثُمَّ لَعَلَّهُ يَجِدُهُ رَبُّ الْمَالِ مُفْلِسًا فَأَكُونُ قَدْ أَتْوَيْتُ مَالَهُ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا مُلْتَقِطُهَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فَكَانَ لِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا بِعَيْنِهَا فَإِنْ نَقَصَتْ فِي أَيْدِي الْمَسَاكِينِ، أَوْ تَلِفَتْ رَجَعَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إنْ شَاءَ بِالتَّلَفِ وَالنُّقْصَانِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ رَجَعَ بِهَا إنْ شَاءَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا الْتَقَطَ الْعَبْدُ اللُّقَطَةَ فَعَلِمَ السَّيِّدُ بِاللُّقَطَةِ فَأَقَرَّهَا بِيَدِهِ فَالسَّيِّدُ ضَامِنٌ لَهَا فِي مَالِهِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ إذَا اسْتَهْلَكَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا دُونَ مَالِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ اللُّقَطَةَ عُدْوَانٌ، إنَّمَا يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015