الام للشافعي (صفحة 735)

عَلَيْهِ الْحَقُّ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ إلَى أَخْذِ حَقِّهِ فَامْتَنَعَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ فَعَلَى الْوَالِي جَبْرُهُ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ لِيَبْرَأَ ذُو الدَّيْنِ مِنْ دَيْنِهِ وَيُؤَدِّيَ إلَيْهِ مَا لَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ مُنْتَقَصٍ لَهُ بِالْأَدَاءِ شَيْئًا، وَلَا مُدْخِلَ عَلَيْهِ ضَرَرًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الْحَقِّ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ حَقِّهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَيَبْرَأُ بِإِبْرَائِهِ إيَّاهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنْ دَعَاهُ إلَى أَخْذِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ، وَكَانَ حَقُّهُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ نُحَاسًا أَوْ تِبْرًا أَوْ عَرَضًا غَيْرَ مَأْكُولٍ، وَلَا مَشْرُوبٍ، وَلَا ذِي رُوحٍ يَحْتَاجُ إلَى الْعَلَفِ أَوْ النَّفَقَةِ جَبَرْتُهُ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُبْرِئَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ وَزِيَادَةِ تَعْجِيلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ، وَلَسْتُ أَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى تَغَيُّرِ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ يَكُونُ فِي وَقْتِهِ أَكْثَرَ قِيمَةً أَوْ أَقَلَّ قُلْت لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ: إنْ شِئْت حَبَسْته، وَقَدْ يَكُونُ فِي وَقْتِ أَجَلِهِ أَكْثَرَ مِنْهُ حِينَ يَدْفَعُهُ وَأَقَلَّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْت؟ قُلْت أُخْبِرْنَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ عَلَى نُجُومٍ إلَى أَجَلٍ فَأَرَادَ الْمُكَاتَبُ تَعْجِيلَهَا لِيُعْتَقَ فَامْتَنَعَ أَنَسٌ مِنْ قَبُولِهَا، وَقَالَ لَا آخُذُهَا إلَّا عِنْدَ مَحِلِّهَا فَأَتَى الْمُكَاتَبُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عُمَرُ إنَّ أَنَسًا يُرِيدُ الْمِيرَاثَ فَكَانَ فِي الْحَدِيثِ فَأَمَرَهُ عُمَرُ بِأَخْذِهَا مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَهُوَ يُشْبِهُ الْقِيَاسَ (قَالَ) : وَإِنْ كَانَ مَا سَلَّفَ فِيهِ مَأْكُولًا أَوْ مَشْرُوبًا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ أَكْلَهُ وَشُرْبَهُ جَدِيدًا فِي وَقْتِهِ الَّذِي سَلَّفَ إلَيْهِ فَإِنْ عَجَّلَهُ تَرَكَ أَكْلَهُ وَشُرْبَهُ وَأَكْلُهُ وَشُرْبُهُ مُتَغَيِّرٌ بِالْقِدَمِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي أَرَادَ أَكْلَهُ أَوْ شُرْبَهُ فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا لَا غَنَاءَ بِهِ عَنْ الْعَلَفِ أَوْ الرَّعْيِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ مُؤْنَةُ الْعَلَفِ أَوْ الرَّعْيِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى وَقْتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ مُؤْنَةٍ، وَأَمَّا مَا سِوَى هَذَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالتِّبْرِ كُلِّهِ، وَالثِّيَابِ وَالْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا دَفَعَهُ بَرِئَ مِنْهُ وَجُبِرَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الَّذِي هُوَ لَهُ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَعَلَى هَذَا هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ لَا أَعْلَمُهُ يَجُوزُ فِيهِ غَيْرُ مَا وَصَفْت أَوْ أَنْ يُقَالَ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ هُوَ لَهُ حَتَّى يَحِلَّ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دِينَارٍ، وَلَا دِرْهَمٍ حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَا حِرْزَ لَهُ، وَيَكُونُ مُتْلِفًا لِمَا صَارَ فِي يَدَيْهِ فَيَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى مَلِيءٍ مِنْ أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ فَيَتْلَفُ مِنْ يَدَيْهِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا مَا ذَكَرْتُ. وَمِنْهَا أَنْ يَتَقَاضَاهُ ذُو دَيْنٍ أَوْ يَسْأَلَهُ ذُو رَحِمٍ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا صَارَ إلَيْهِ لَمْ يَتَقَاضَاهُ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ فَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ هَذَا أَنَّا لَمْ نَرَ أَحَدًا خَالَفَ فِي أَنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّجُلِ فَيَمُوتُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَدْفَعُونَ مَالَهُ إلَى غُرَمَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوهُ لِئَلَّا يَحْبِسُوا مِيرَاثَ الْوَرَثَةِ وَوَصِيَّةَ الْمُوصِي لَهُمْ وَيَجْبُرُونَهُمْ عَلَى أَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ لَهُمْ وَالسَّلَفُ يُخَالِفُ دَيْنَ الْمَيِّتِ فِي بَعْضِ هَذَا.

[بَابُ السَّلَفِ فِي الرُّطَبِ فَيَنْفَدُ]

ُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا سَلَّفَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي رُطَبٍ أَوْ عِنَبٍ إلَى أَجَلٍ يَطِيبَانِ لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ نَفِدَ الرُّطَبُ أَوْ الْعِنَبُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ بِالْبَلَدِ الَّذِي سَلَّفَهُ فِيهِ فَقَدْ قِيلَ الْمُسَلِّفُ بِالْخِيَارِ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِمَا بَقِيَ مِنْ سَلَفِهِ كَأَنْ سَلَّفَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي مِائَةِ مُدٍّ فَأَخَذَ خَمْسِينَ فَيَرْجِعُ بِخَمْسِينَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ إلَى رُطَبٍ قَابِلٍ ثُمَّ أَخَذَ بَيْعَهُ بِمِثْلِ صِفَةِ رُطَبِهِ، وَكَيْلِهِ، وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ وَكُلُّ فَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ تَنْفَدُ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ، وَهَذَا وَجْهٌ. قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إنْ سَلَّفَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي عَشْرَةِ آصُعَ مِنْ رُطَبٍ فَأَخَذَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015