الام للشافعي (صفحة 2046)

بِهَا عَطَاءً وَاحِدًا فَأَسْبَابُهَا مُخْتَلِفَةٌ.

قَالَ: وَإِذَا قُمْتُمْ عَلَى أَنْ تَقْبَلُوا أَخْبَارَهُمْ وَفِيهِمْ مَا ذَكَرْت مِنْ أَمْرِكُمْ بِقَبُولِ أَخْبَارِهِمْ وَمَا حُجَّتُكُمْ فِيهِ عَلَى مَنْ رَدَّهَا قَالَ: لَا أَقْبَلُ مِنْهَا شَيْئًا إذَا كَانَ يُمْكِنُ فِيهِمْ الْوَهْمُ وَلَا أَقْبَلُ إلَّا مَا أَشْهَدُ بِهِ عَلَى اللَّهِ كَمَا أَشْهَدُ بِكِتَابِهِ الَّذِي لَا يَسَعُ أَحَدًا الشَّكُّ فِي حَرْفٍ مِنْهُ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ شَيْءٌ مَقَامَ الْإِحَاطَةِ وَلَيْسَ بِهَا؟ فَقُلْت: لَهُ مَنْ عَلِمَ اللِّسَانَ الَّذِي بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْكَامُ اللَّهِ دَلَّهُ عِلْمُهُ بِهِمَا عَلَى قَبُولِ أَخْبَارِ الصَّادِقِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا دَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ وَعُلِمَ بِذَلِكَ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ كُنْت لَمْ تُشَاهِدْهُ خَبَرُ الْخَاصَّةِ وَخَبَرُ الْعَامَّةِ قَالَ: نَعَمْ قُلْت: فَقَدْ رَدَدْتهَا إذْ كُنْت تَدِينُ بِمَا تَقُولُ قَالَ: أَفَتُوجِدنِي مِثْلَ هَذَا مِمَّا تَقُومُ بِذَلِكَ الْحُجَّةُ فِي قَبُولِ الْخَبَرِ؟ فَإِنْ أَوْجَدْتَهُ كَانَ أَزْيَدَ فِي إيضَاحِ حُجَّتِك وَأَثْبَتَ لِلْحُجَّةِ عَلَى مَنْ خَالَفَك وَأَطْيَبَ لِنَفْسِ مَنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ لِقَوْلِك فَقُلْت: إنْ سَلَكْت سَبِيلَ النَّصَفَةِ كَانَ فِي بَعْضِ مَا قُلْت دَلِيلٌ عَلَى أَنَّك مُقِيمٌ مِنْ قَوْلِك عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْك الِانْتِقَالُ عَنْهُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنْ قَدْ طَالَتْ غَفْلَتُك فِيهِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ تَغْفُلَ مِنْ أَمْرِ دِينِك قَالَ: فَاذْكُرْ شَيْئًا إنْ حَضَرَك قُلْت: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2] قَالَ: فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْكِتَابَ كِتَابُ اللَّهِ فَمَا الْحِكْمَةُ؟ .

قُلْت: سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَفَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ جُمْلَةً وَالْحِكْمَةَ خَاصَّةً وَهِيَ أَحْكَامُهُ؟ قُلْت: تَعْنِي بِأَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلَ مَا بَيَّنَ لَهُمْ فِي جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا فَيَكُونُ اللَّهُ قَدْ أَحْكَمَ فَرَائِضَ مِنْ فَرَائِضِهِ بِكِتَابِهِ وَبَيَّنَ كَيْفَ هِيَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّهُ لَيَحْتَمِلُ ذَلِكَ قُلْت: فَإِنْ ذَهَبْتَ هَذَا الْمَذْهَبَ فَهِيَ فِي مَعْنَى الْأَوَّلِ قَبْلَهُ الَّذِي لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِخَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِنْ ذَهَبْت مَذْهَبَ تَكْرِيرِ الْكَلَامِ؟ قُلْت: وَأَيُّهُمْ أَوْلَى بِهِ إذَا ذَكَرَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ أَنْ يَكُونَا شَيْئَيْنِ أَوْ شَيْئًا وَاحِدًا قَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا كَمَا وَصَفْت كِتَابًا وَسُنَّةً فَيَكُونَا شَيْئَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا شَيْئًا وَاحِدًا قُلْت: فَأَظْهَرُهُمَا أُولَاهُمَا وَفِي الْقُرْآنِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا قُلْنَا وَخِلَافُ مَا ذَهَبْتَ إلَيْهِ قَالَ: وَأَيْنَ هِيَ؟ قُلْت: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 34] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُتْلَى فِي بُيُوتِهِنَّ شَيْئَانِ قَبْلُ فَهَذَا الْقُرْآنُ يُتْلَى فَكَيْفَ تُتْلَى الْحِكْمَةُ؟ .

قُلْت إنَّمَا مَعْنَى التِّلَاوَةِ أَنْ يَنْطِقَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ كَمَا يَنْطِقُ بِهَا قَالَ: فَهَذِهِ أَبْيَنُ فِي أَنَّ الْحِكْمَةَ غَيْرُ الْقُرْآنِ مِنْ الْأُولَى وَقُلْت: افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا اتِّبَاعَ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَأَيْنَ؟ .

قُلْت: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] وَقَالَ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] قَالَ: مَا مِنْ شَيْءٍ أَوْلَى بِنَا أَنْ نَقُولَهُ فِي الْحِكْمَةِ مِنْ أَنَّهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالتَّسْلِيمِ لِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِكْمَتِهِ إنَّمَا هُوَ مِمَّا أَنْزَلَهُ لَكَانَ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ لَهُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى التَّسْلِيمِ لِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْت: لَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ عَلَيْنَا اتِّبَاعَ أَمْرِهِ فَقَالَ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] قَالَ: إنَّهُ لَبَيِّنٌ فِي التَّنْزِيلِ أَنَّ عَلَيْنَا فَرْضًا أَنْ نَأْخُذَ الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ وَنَنْتَهِيَ عَمَّا نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قُلْت: وَالْفَرْضُ عَلَيْنَا وَعَلَى مَنْ هُوَ قَبْلَنَا وَمَنْ بَعْدَنَا وَاحِدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ فَقُلْت: فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْنَا فَرْضًا فِي اتِّبَاعِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنُحِيطُ أَنَّهُ إذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا شَيْئًا فَقَدْ دَلَّنَا عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ فَرْضُهُ؟ .

قَالَ: نَعَمْ قُلْت: فَهَلْ تَجِدُ السَّبِيلَ إلَى تَأْدِيَةِ فَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي اتِّبَاعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015