الام للشافعي (صفحة 1899)

يَقْتَسِمَانِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ الرَّجُلِ فَأَقَامَ ابْنُ عَمِّهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُ جَدِّهِمَا أَبِي أَبِيهِمَا وَلَمْ تَقُلْ الْبَيِّنَةُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ يُنْكِرُ قَضَيْت بِهَا دَارًا لِجَدِّهِمَا وَلَمْ أَقْسِمْهَا بَيْنَهُمَا حَتَّى تُثْبِتَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ وَرِثَ جَدَّهُمَا وَمَنْ وَرِثَ أَبَاهُمَا لِأَنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ مَعَهُمَا وَرَثَةً، أَوْ أَصْحَابَ دَيْنٍ، أَوْ وَصَايَا وَأَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ إذَا قَالُوا مَاتَ جَدُّهُمَا وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَلَا يَكُونُونَ بِهَذَا شُهُودًا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ؛ لِأَنَّهُمْ فِي هَذَا كُلِّهِ إنَّمَا يَشْهَدُونَ عَلَى الظَّاهِرِ كَشَهَادَتِهِمْ عَلَى النَّسَبِ وَكَشَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمِلْكِ وَكَشَهَادَتِهِمْ عَلَى الْعَدْلِ وَلَا أَقْبَلُهُمْ إذَا قَالُوا لَا نَعْلَمُ وَارِثًا غَيْرَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الَّذِينَ يَكُونُ الْأَغْلَبُ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ وَارِثٌ لَوْ كَانَ لَهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا ذَوِي قَرَابَةٍ، أَوْ مَوَدَّةٍ، أَوْ خُلْطَةٍ، أَوْ خِبْرَةٍ بِجِوَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا كَانُوا هَكَذَا قَبِلْتهمْ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّ مَعْنَى الْبَتِّ مَعْنَى الْعِلْمِ وَمَعْنَى الْعِلْمِ مَعْنَى الْبَتِّ.

وَإِذَا تُوُفِّيَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ وَتَرَكَ فِي بَيْتِهِ مَتَاعًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ مَا كَانَ لِلرِّجَالِ مِنْ الْمَتَاعِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وَمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَمَا كَانَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا الْمَرْأَةُ كَانَتْ، أَوْ الرَّجُلُ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا طَلَّقَ، وَالْبَاقِي الزَّوْجُ فِي الطَّلَاقِ وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ إلَّا مَا يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ رَجُلٌ تَاجِرٌ عِنْدَهُ مَتَاعُ النِّسَاءِ مِنْ تِجَارَتِهِ، أَوْ صَانِعٌ، أَوْ تَكُونُ رُهُونًا عِنْدَ رَجُلٍ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ، أَوْ طَلَّقَ فَمَتَاعُ الْبَيْتِ كُلِّهِ مَتَاعُ الرَّجُلِ إلَّا الدِّرْعَ، وَالْخِمَارَ وَشِبْهَهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي دَارِهَا كَانَ أَمْرُهُمَا عَلَى مَا وَصَفْت فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ يَسْكُنَانِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ بَعْدَ مَا تَفَرَّقَا كَانَ الْبَيْتُ لِلْمَرْأَةِ، أَوْ الرَّجُلِ، أَوْ بَعْدَمَا يَمُوتَانِ وَاخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ وَرَثَتُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا، أَوْ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا، وَالْبَاقِي كَانَ الْبَاقِي الزَّوْجَ، أَوْ الزَّوْجَةَ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ عِنْدِي بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ عَلَى الْإِجْمَاعِ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَمَا يَخْتَلِفُ الرَّجُلَانِ فِي الْمَتَاعِ بِأَيْدِيهِمَا جَمِيعًا فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَ الْإِيمَانِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ النُّضُوحُ، وَالْخَلُوقُ وَالدُّرُوعُ، وَالْخُمُرُ وَيَكُونُ لِلْمَرْأَةِ السَّيْفُ وَالرُّمْحُ وَالدِّرْعُ؟ قِيلَ قَدْ يَمْلِكُ الرِّجَالُ مَتَاعَ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ مَتَاعَ الرِّجَالِ أَرَأَيْت لَوْ أَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَتَاعِ النِّسَاءِ، وَالْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَتَاعِ الرِّجَالِ أَلَيْسَ يُقْضَى لِكُلٍّ بِمَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ؟ فَإِذَا قَالَ بَلَى قِيلَ أَفَلَيْسَ قَدْ زَعَمْت وَزَعَمَ النَّاسُ أَنَّ كَيْنُونَةَ الشَّيْءِ فِي يَدَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ تُثْبِتُ لِكُلٍّ النِّصْفَ؟ فَإِنْ قَالَ بَلَى قِيلَ كَمَا تَثْبُتُ لَهُ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ قَالَ بَلَى قِيلَ فَلِمَ لَمْ تَجْعَلْ الزَّوْجَيْنِ هَكَذَا وَهِيَ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَيْهِمْ الظُّنُونَ وَتَرَكْت الظَّاهِرَ قِيلَ لَكَ فَمَا تَقُولُ فِي عَطَّارٍ وَدَبَّاغٍ فِي أَيْدِيهِمَا عِطْرٌ وَمَتَاعُ الدَّبَّاغِ تَدَاعَيَاهُ مَعًا فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّك تُعْطِي الدَّبَّاغَ مَتَاعَ الدَّبَّاغِينَ، وَالْعَطَّارَ مَتَاعَ الْعَطَّارِينَ قِيلَ فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَيْرِ مُوسِرٍ وَرَجُلٍ مُوسِرٍ تَدَاعَيَا يَاقُوتًا وَلُؤْلُؤًا فَإِنْ زَعَمْت أَنَّك تَجْعَلُهُ لِلْمُوسِرِ وَهُوَ بِأَيْدِيهِمَا مَعًا خَالَفْت مَذْهَبَ الْعَامَّةِ وَإِنْ زَعَمْت أَنَّك تَقْسِمُهُ بَيْنَهُمَا وَلَا تَسْتَعْمِلُ عَلَيْهِمَا الظَّنَّ فَهَكَذَا يَنْبَغِي لَك أَنْ تَقُولَ فِي مَتَاعِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ

(قَالَ) : وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ وَوَالَاهُ وَعَاقَدَهُ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ مِيرَاثُهُ لَهُ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهَذَا يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يُوَرِّثُهُ شَيْئًا مُطَرِّفٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا وَلَاءَ إلَّا لِذِي نِعْمَةٍ اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَمَّنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ فَيَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَالًا فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَبَى فَلِبَيْتِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015