الام للشافعي (صفحة 1471)

أَطْعَمَهُمْ سِتِّينَ مُدًّا أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ أَخْذَهُمْ الطَّعَامَ يَخْتَلِفُ فَلَا أَدْرِي لَعَلَّ أَحَدَهُمْ يَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ وَالْآخَرَ أَكْثَرَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا سَنَّ مَكِيلَةَ الطَّعَامِ فِي كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ دَقِيقًا وَلَا سَوِيقًا وَلَا خُبْزًا حَتَّى يُعْطِيَهُمْ حَبًّا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكْسُوَهُمْ مَكَانَ الطَّعَامِ، وَكُلُّ مِسْكِينٍ أَعْطَاهُ مُدًّا أَجْزَأَ عَنْهُ مَا خَلَا أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكِينًا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا مِسْكِينٌ مُسْلِمٌ وَسَوَاءٌ الصَّغِيرُ مِنْهُمْ وَالْكَبِيرُ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ عَبْدًا وَلَا مُكَاتَبًا وَلَا أَحَدًا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَعْطَى رَجُلًا وَهُوَ يَرَاهُ مِسْكِينًا فَعَلِمَ بَعْدُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ وَهُوَ غَنِيٌّ أَعَادَ الْكَفَّارَةَ لِمِسْكِينٍ غَيْرِهِ، وَلَوْ شَكَّ فِي غِنَاهُ بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهُ عَلَى أَنَّهُ مِسْكِينٌ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَمَنْ قَالَ لَهُ إنِّي مِسْكِينٌ وَلَا يَعْلَمُ غِنَاهُ أَعْطَاهُ، وَسَوَاءٌ السَّائِلُ مِنْ الْمَسَاكِينِ وَالْمُتَعَفِّفُ فِي أَنَّهُ يُجْزِئُ (قَالَ) : وَيُكَفِّرُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْكَفَّارَةِ قَبْلَهَا.

[تَبْعِيضُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ]

تَبْعِيضُ الْكَفَّارَةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُبَعِّضَ الْكَفَّارَةَ وَلَا يُكَفِّرُ إلَّا كَفَّارَةً كَامِلَةً مِنْ أَيِّ الْكَفَّارَاتِ كَفَّرَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ ثُمَّ لَا يَجِدُ غَيْرَهَا فَيَصُومُ شَهْرًا وَلَا يَصُومُ شَهْرًا ثُمَّ يَمْرَضُ فَيُطْعِمُ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَلَا يُطْعِمُ مَعَ نِصْفِ رَقَبَةٍ حَتَّى يُكَفِّرَ أَيَّ الْكَفَّارَاتِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِكَمَالِهَا (قَالَ) : وَإِنْ فَرَّقَ الطَّعَامَ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ أَجْزَأَهُ إذَا أَتَى عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَكُلُّ كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ عَلَى أَحَدٍ بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَخْتَلِفُ الْكَفَّارَاتُ وَكَيْفَ تَخْتَلِفُ وَفَرْضُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَنَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَمُدُّهُ وَكَيْف يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمُدِّ مَنْ لَمْ يُولَدْ فِي عَهْدِهِ أَوْ بِمُدٍّ أُحْدِثَ بَعْدَ مُدِّهِ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ؟ .

[كِتَابُ اللِّعَانِ]

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ) قَالَ (أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ) قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] الْآيَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : ثُمَّ لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ ذَلِكَ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ الْمَقْذُوفَةُ الْحُرَّةُ وَلَمْ يَأْتِ الْقَاذِفُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يُخْرِجُونَهُ مِنْ الْحَدِّ، وَهَكَذَا كُلُّ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَحَدٍ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُهُ لَهُ إنْ طَلَبَهُ أَخَذَهُ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قِيلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى اسْمُهُ {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] فَبَيَّنَ أَنَّ السُّلْطَانَ لِلْوَلِيِّ ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ فِي الْقِصَاصِ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] فَجَعَلَ الْعَفْوَ إلَى الْوَلِيِّ وَقَالَ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] فَأَبَانَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ الْحُقُوقَ لِأَهْلِهَا وَقَالَ فِي الْقَتْلِ {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] إلَى قَوْلِهِ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] (قَالَ) : فَأَبَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ لَيْسَ حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَ هَذَا مَنْ وَجَبَ لَهُ وَلَا أَنَّ حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِمَنْ وَجَبَ لَهُ وَلَكِنْ حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِمَنْ وَجَبَ لَهُ إذَا طَلَبَهُ.

(قَالَ) : وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فَلَمْ تَطْلُبْ الْحَدَّ حَتَّى فَارَقَهَا أَوْ لَمْ يُفَارِقْهَا وَلَمْ تُعْفِهِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ الْتَعَنَ أَوْ حُدَّ إنْ أَبَى أَنْ يَلْتَعِنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ كَانَ لِوَلِيِّهَا أَنْ يَقُومَ بِهِ فَيَلْتَعِنُ الزَّوْجُ أَوْ يُحَدُّ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015