الاكليل (صفحة 15)

فأولد حمرة أبا معيد، ونفر عن اليمن فكان مع علي عليه السلام، فلما صير راية همدان إلى سعيد بن قيس غضب وبات يكدم واسط كوره حتى أفناه ثم لحق بمعاوية وكان عنده وجيهاً، وقدم إلى اليمن فلزم بلد الأهنوم والمغرب حتى قدم بسر بن أرطأة من قبل معاوية فكان له رجلاً ويداً في بلد همدان، فنال من شيعة علي عليه السلام في بلد همدان وصنعاء فأقوى، وضرب من الأبناء على باب المصرع اثنتين وسبعين رقبة فسمي الموضع المصرع، وارتدت الأبناء عن التشيع من يومئذ إلى اليوم.

فأولد أبو معيد واسمه أحمد قيساً، وقد ولي قيس وأبو معيد بعض عمل المعافر، فأولد قيس سعيداً، فأولد سعيد العباس، فأولد العباس الضحاك ورزاماً وسعيداً الحوالي وهم الذين قاموا لحرب بكيل وقتل رزام بابن أبي عيينة العبدي سيد أرحب. فأولد الضحاك محمداً وقد رأس، وقتله ابن مسعود غلام أبي يعفر بأمره غيلة، فغضبت فيه همدان وقامت فيه حاشد وبكيل مع الدعام بن إبراهيم بن عبد الله بن يأس العبدي سيد بكيل فأزال مملكة آل يعفر. فأولد محمد بن الضحاك أحمد أبا جعفر سيد همدان في عصرنا وصاحب الوقائع والأيام، وهو الذي يمدحه الهمداني ويقيد أيامه، وهو منه خلّ وصاحب، وشهد مائة وقعة وستاً، كان أكثرها بين حزبه وبين يحيى بن الحسين العلوي، وأسر ابنه محمد بن يحيى يوم إتوة، ثم صافاه ابنا يحيى: محمد المرتضى وأحمد الناصر، وكان لهما نعم الصاحب والوزير على أمورهما، ثم باعده القاسم بن الناصر فجرى بينهما ما ينطق به شعر الهمداني، ودخل صعدة ثلاث مرات فأخربها، ودخل صنعاء كرتين فأحسن فيهما، وقال للناصر يوماً وقد أغلظ له في سبب رجل قتل في حده صنعاني: " كأنك أردت أن ترضي هؤلاء المتجرة والدلمة بي، أنا نعم الصديق إذا صادقت، ونعم العدو إذا عاديت ". فندم الناصر واعتذر إليه. وحضه يوماً على صلح بني ربيعة بن مالك بن حرب بن عبد ود بن وادعة وبأمره وقع الشر بين ابن الضحاك وبينهم فكره وقال: إذا كان لي عدو مخالط أخرجته مني، فإن لم أقدر عليه خرجت عنه، ومتى أغضبت فزعت إلى قائ سيفي ولم أحاكم. قال له: أنت إذا غضبت لم ترض، وأنا أغضب في النهار كذا وكذا وأرضى مثلها. قال: فمصيبة أعزك الله. ما يؤمن رعيتك في بعض غضباتك أن يهلك منها الخير وينطف منها البريء. وكان مظفراً له راية. وقتل أبوه وهو ابن سبع سنين فراعي ثأره في آل يعفر سبعاً وخمسين سنة، ثم قتل منهم خمسة بخديعة. وأخباره كثيرة. وهذا البيت من المعيديين لا يرون لهم كفؤاً من حاشد، وقد طمع محمد بن يحيى بن الحسين بالصهر إليهم فأعجزه ذلك.

أولد محمد بن الضحاك مع أحمد إبراهيم أبا حاشد، وكلاهما قد أعقب انقضاء نسب المعيديين. يتلوه: نسب يأم أولد يأم بن أصبى جشم ومذكراً، فولد جشم دؤلاً ويخفف فيقال الدول وصعباً. فولد دؤل سلمة، فولد سلمة ذهلاً والنمر، وسلمة بن سلمة، فمن بني ذهل الحكم بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد كريم بن جحدب بن ذهل بن الحارث بن ذهل كان من فرسان الجماجم، وزبيد بن الحارث بن عبد كريم الفقيه، وطلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب بن جحدب بن معاوية بن سعد بن الحارث بن ذهل الفقيه وكان من أئمة القراءة، وعبد العزّى بن سبع بن النمر بن ذهل الشاعر جاهلي، وابنه مدرك بن عبد العزّى شاعر أيضاً وهو القائل:

وأنّى لكم أن تبلغوا مجد يأمنا ... وأرحب حتى ينفد الترب ناقله

فهم أصل همدان الوثيق وفرعها ... قديماً وأعلى هضبها وأطاوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015