إن من الظلم البين أن يوصف هؤلاء الدعاة بالتمرد والعقوق لأهل العلم، لأنهم سدوا ثغرات كثير من الفروض الكفائية، ورفعوا كثيرًا من الحرج عن سائر الأمة:

أقلوا عليهم -لا أبا لأبيكم- ... من اللوم أو سُدّوا المكان الذي سَدُّوا

وكثير منهم نشأ في مواقع نضب فيها العلم، وغاب العلماء، لا أنهم وجدوا العلماء فزهدوا في الجثو بين أيديهم، والنَّهَل من علمهم، فلسان حالهم يخاطب العلماء:

لا تظنوا بنا العقوق ولكن ... أرشدونا إن ضللنا الرشادا

فكان من الطبيعي والمتوقع أن يتلبسوا -خلال الممارسة الدعوية- بأخطاء نتيجة عدم تدرجهم في سُلَّم التعلم والتفقه، بل التأدب بكثير مما مرّ ذكره، فظهرت نتوءات شاذة في فكر وسلوك بعضهم تحتاج إلى أن يعالجها العلماء بالتهذيب والإصلاح، من أخطرها:

- انتزاع حقوق ليست لهم في الحقيقة كحق الفُتْيا، بل الاستبداد بها في بعض الأحيان، بل محاكمة العلماء والجرأة عليهم كما مرّ ذكره، والاستغناء عن الاستهداء باجتهادهم في قضايا محورية.

وزاد الطين بلة أنهم خُدعوا بالتفاف الجماهير حولهم، فتصرفوا " كمراكز قوى " تضغط على العلماء، وتستمد مصداقيتها من الواقع المفروض لا من المؤهلات الشرعية المعتبرة.

وهذا الواقع هو الذي يُحْوِجنا الآن إلى ضبط الأمور، وإعادة ترتيبها، وإعطاء كل ذي حقٍ حقه , وذلك:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015