القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه (إعجاز القرآن) القاضي أبو بكر الباقلاني نص على أن القرآن الكريم بديع النظم، عجيب التأليف، متناه في البلاغة إلى الحد الذي يعلم عجز الخلق عنه، وأرجع ذلك إلى عشرة أسباب نذكرها بإيجاز:

أولها: ما يرجع إلى جملة القرآن الكريم، وهو أن نظمه على تصرف وجوهه وتباين مذاهبه خارج عن المعهود من نظام جميع كلام العرب، ومباين للمألوف من ترتيب خطابه، وله أسلوب يختص به، ويتميز في تصرفه عن أساليب الكلام المعتادة، فهو ليس بشعر، ولا نثر، ولا سجع، ولا غيره مما ألفه العرب في كلامهم.

وثانيها: أنه ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة والغرابة، والتصرف البديع، والمعاني اللطيفة، والفوائد الغزيرة، والحكم الكثيرة، والتناسب في البلاغة والتشابه في البراعة على هذا الطول وعلى هذا القدر.

وثالثها: أن عجيب نظمه وبديع تأليفه لا يتفاوت ولا يتباين على ما يتصرف إليه من الوجوه التي يتصرف فيها من ذِكر قصص، ومواعظ، واحتجاج، وحكم وأحكام، وإعذار وإنذار، ووعد ووعيد، وتبشير وتخويف، وأوصاف، وتعليم أخلاق كريمة، وشيم رفيعة، وسير مأثورة، وغير ذلك من الوجوه التي يشتمل عليها كتاب الله -سبحانه وتعالى-.

أما رابعها: فهو أن كلام الفصحاء يتفاوت تفاوتًا بينًا في الفصل والوصل، والعلو والنزول، والتقريب والتبعيد، وغير ذلك مما ينقسم إليه الخطاب عند النظم، ويتصرف فيه القول عند الظن والجمع. أما القرآن فعلى اختلاف فنونه ووجوه الكثيرة وطرقه المختلفة، فلا تباينَ فيه ولا تنافرَ في أي جزئية من جزيائته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015