ووجه الإيذان أنه تعورف الإتيان بالدعاء في الآخر.

وقد قلّت عناية المتقدمين بهذا النوع، 2 والمتأخرون يجتهدون في رعايته، ويسمونه حسن المقطع، وبراعة المقطع.

(وجميع فواتح السور وخواتمها واردة على أحسن الوجوه) يقال: هذا إنما يتمشى على مذهب أبي حنيفة من أن البسملة ليست جزءا من السور، وإلا فلا تفاوت بين الفواتح، ونحن نقول: المراد بفاتحة السورة الفاتحة، ولو على بعض المذاهب.

(وأكملها) من البلاغة (يظهر ذلك بالتأمل) في تلك الفواتح جملها ومفرداتها، والتنبه لرموزها وإشاراتها، لا في بادئ النظر، بل ربما يكون أول السورة دعاء على شخص وآخرها مذمة طائفة أو تهديد ووعيد لكن التأمل.

(مع التذكر لما تقدم) في الفنون الثلاثة يفصح عن وجوه مزاياها بحيث لا يتصور مزية عليه، وليس مدى بلاغتها ما يدخل تحت طاقة البشر، بل هو شرذمة مما أحاط به خالق القوى والقدر، وليكن هذا آخر ما ألقينا إليك من البدائع من إفضال الصانع من الصنائع:

ولو تأملت فيها وجدت سوى ما برزت به دقائق من الودائع، فلتنظر فيها نظر الاعتبار لتطلع على ما لا يحصى من الأسرار، واجتنب من التعصب والإنكار، فإنه يحرمك عن مشاهدة رياض امتلأت من الأزهار، وعن أن تجتني لطائف الثمار.

ربنا اللهم بارك فيما رزقت ولا تضع أشجارا أورقت، ومتع بظلالها الطالبين وأذق من حلاوة ثمارها الحاضرين والغائبين. الحمد لله رب العالمين

وكان الفراغ من نسخه يوم الجمعة الأزهر رابع عشر شهر ربيع

الآخر عام ثلاثة وثمانين وتسعمائة.

وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015