حياتهم، أما هذا القرآن فقد جعله الله حجة باقية.

وهو الحجة البالغة، والآية الباهرة، تحدى الله البشر أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة واحدة من سوره، فعجزوا على الرغم من أنه يتكون من حروف وكلمات، والأمة التي أنزل عليها هي أمة الفصاحة والبلاغة، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38] (?) .

ومما يشهد لهذا القرآن أنه وحي من عند الله أنه تضمن أخبارا كثيرة عن الأمم السابقة، وتنبأ عن حوادث مستقبلية وقعت كما أخبر، وذكر من البراهين العلمية الشيء الكثير مما لم يتوصل العلماء إلى بعضه إلا في هذا العصر، ومما يشهد لهذا القرآن - أيضا - أنه وحي من عند الله أن النبي الذي أنزل عليه هذا القرآن لم يعهد عنه مثله، ولم ينقل عنه ما يشابهه قبل تنزل القرآن، قال تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [يونس: 16] (?) بل كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، ولم يتردد على شيخ، ولم يجلس إلى معلم، ومع ذلك يتحدى الفصحاء والبلغاء أن يأتوا بمثله: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48] (?) وهذا الرجل الأمي الذي وصف في التوراة والإنجيل بأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب يأتي إليه أحبار اليهود والنصارى - الذين لديهم بقايا من التوراة والإنجيل - يسألونه عما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015