الاستذكار (صفحة 3829)

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ سُهَيْلٍ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ وَفِيهِ فَضْلٌ كَبِيرٌ لِيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ لِمَا يَفْتَحُ اللَّهُ فِيهِمَا مِنَ الرَّحْمَةِ لِعِبَادِهِ وَالْمَغْفِرَةِ لِذُنُوبِهِمْ

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مَا جَاءَ فِي أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَعِدَّتِهَا وَذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْآثَارَ الدَّالَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنا مَخْلُوقَةٌ بَعْدُ

وَفِي قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرِكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النِّسَاءِ 48

وَإِجْمَاعُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ مُحْكَمٌ لَا يَجُوزُ النَّسْخُ عَلَيْهِ عَلَى مَا يُغْنِي عَنِ الِاسْتِدْلَالِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ فِي مَعْنَاهُ

وَفِيهِ تَعْظِيمُ ذَنْبِ الْمُهَاجَرَةِ وَالْعَدَاوَةِ وَالشَّحْنَاءِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ وَهُمُ الَّذِينَ يَأْمَنُهُمُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ الْمُصَدِّقُونَ بِوَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ الْمُجْتَنِبُونَ لِكَبَائِرِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ

وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مَنْ وَصَفْنَا حَالَهُ وَمَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَهْجُرَهُمْ وَلَا أَنْ يُبْغِضَهُمْ بَلْ مَحَبَّتُهُمْ دِينٌ وَمُوَالَاتُهُمْ زِيَادَةٌ فِي الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذُّنُوبَ بَيْنَ الْعِبَادِ إِذَا تَسَاقَطُوهَا وَغَفَرَهَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْهَا سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى يَصْطَلِحَا فَإِذَا اصْطَلَحَا غُفِرَ لَهُمَا

وَأَمَّا حَدِيثُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ جُمْهُورِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ

وَقَدْ رواه بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ مِثْلُهُ بِالرَّأْيِ وَلَا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ

وَقَدْ ذَكَرْنَا الطُّرُقَ عَنِ بن وَهْبٍ بِمَا وَصَفْنَا فِي التَّمْهِيدِ

وَالْقَوْلُ فِي مَعْنَاهُ كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ أَوِ ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا

فَقِيلَ ارْكُوَا مَعْنَاهُ اتْرُكُوا

وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَخِّرُوا هَذَيْنِ يُقَالُ وَخِّرْ وَأَنْظِرْ هَذَا وَأَرْجِ هَذَا وَارْكِ هَذَا

كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015