تفصيل هذه المعاني وأمثالها هي الوظيفة الكبرى للرسل عليهم الصلاة والسلام، نجد مصداق ذلك في قوله تعالى: - {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا}: فمعرفة آيات الله التي تدل على ذاته مما جاء به الوحي. {وَيُزَكِّيكُمْ}: فتزكية الأنفس على ما تقتضيه معرفة الله والعبودية له مما جاء به الوحي ... {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ}: الذي أنزله: ويتضمن ما افترضه الله على خلقه، وذلك مضمون القرآن والكتب السماوية- {وَالْحِكْمَةَ}: وهي وضع الأمور في مواضعها على مقتضى الكتاب، وهذا الجانب تكفل به الكتاب والسنة ... {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} (?): أي مما لا تستطيعون معرفته إلا عن طريق الوحي.

ومن ههنا كان التعرف على الآيات، وعلى ما تزكو به الأنفس، وعلى الفرائض والمكتوبات، وعلى الحكمة في الكون، أو في التصرفات، أو في التصورات، أو في العلاقات، أو في السياسات، وكان التعرف على ما لا يعرفه الإنسان إلا من طريق الوحي، كل ذلك يدخل في مباحث العقائد، بل إنه لهو الأهم، وهو الذي ينبغي أن يشتغل به الدعاة؛ لأن أعظم ما في الدين هو هذا: آيات الله، والواجبات، والحكمة، وما لا يعرف إلا عن طريق الوحي.

ومن ههنا تعلم خطأ بعض من يدعون إلى الإسلام فيغفلون التركيز على هذه الأمور، ويتحدثون عن نواحٍ أخرى لا تصبُّ في هذا البحر.

* * *

وإذا كان كل ما في الإسلام مبناه على الاعتقاد الحق، فالاعتقاد الحق مبناه على الإيمان الجازم بالله وبالرسول صلى الله عليه وسلم، ومبنى الإيمان بالله: يقوم على معرفة آثاره وآياته التي تدل عليه، ومبنى الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم: يقوم على معرفة الدلائل التي تدل على أنه رسول حقاً، وقد دخل ذلك في أبحاث العقائد، وقد جرت عادة كتاب العقائد- كما ذكرنا من قبل- أم يركزوا ما جرى فيه خلاف فيه أهل السنة والجماعة، وبقية الفرق الإسلامية، ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015