جازر، فيستدل بقلّة الذّبح والنّيران على قلّة العدد وضعف العدد، وهذا من مكائدهم.

ومن أحسن ما قيل في نار الضّيافة قول الأعشى:

لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار في بقاع يحرق

تشبّ لمقرورين يصطليانها ... وبات على النّار النّدى والمحلّق

رضيعي لبان ثدي أمّ تقاسما ... بأسحم داج عوض لا نفرق

وقول الحطيئة أحسن منه وهو:

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد

ونار أخرى وهي نار الميسم: ويقال: ما نارك؟ فيقول: علاطة أو خباطة، أو كذا لذلك قال بعض الحزاب:

تساكني الباعة أين دارها ... إذ زعزعوها فسمت أبصارها

فكلّ دار لأناس دارها ... وكلّ نار المسلمين نارها

قد وفرّنا قسط هذا الباب لفوائده، وقد أتى الجاحظ على ذكر نيران العرب والعجم ونيران الدّيانات، فبلغ الغاية، ولم يترك لمتتبّع مقالة، وإن كان أخلّ بذكر نارين، إحداهما:

نار الغدر، وهي التي أرادها زبير في قوله شعرا:

وتوقد ناركم شررا ويرفع ... لكم في كلّ مجمعة أواء

والثانية: نار الوشاة: وهي التي أرادها أبو ذؤيب في قوله:

أبى القلب إلا أمّ عمرو فأصبحت ... تحرّق ناري بالشّكاة ونارها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015