جعلها لا تفي بوعدها كالشّمال لا تأتي بالغيث. قال زهير شعرا:

جرت سحّا فقلت لها أجيزي ... نوى مشمولة فمتى اللّقاء

وقال بعضهم: أراد جرت الطّير بها من ناحية الشّمال، ولذلك قيل: اليمن والشّؤم، فاليمن من اليمن، والشّؤم من اليد الشّؤمى، قال: وقد يتشاءمون بها من جهة البرد، قيل لبعضهم: ما أشدّ البرد؟ فقال: ريح جربياء في أثر عماء، في غب سماء. والجربياء:

الشّمال والعماء: السّحاب يريد شمالا هبّت بعد مطر، وقيل لآخر: أيّ الأيام أقرّ فقال:

الأحصّ الورد، والأزب الهلوف.

قال أبو عمرو: الأحص الورد: يوم تطلع شمسه، وتصفو شماله، ويحمر فيه الأفق، ولا يجد لشمسه مسا. والأحص: التي لا سحاب فيه كالرأس، والأحص: الذي لا شعر عليه، قال والهلوف: يوم تهبّ فيه النّكباء تسوق الجهام والصراد لا تطلع شمسه، والأزب:

من الإبل الكثير الوبر.

يقال: لحية هلوفية إذا كانت كثيرة الشّعر، واليوم إذا كان بهذه الصفة كان ذا زمهرير، وكانوا يقولون مع هذا: إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض وإذا ذخرت الأودية بالماء كثرت الثّمر، والمؤتفكات: الرّياح البوارح وهي شمال حارّة في الصيف، وذات عجاج، سمّيت لتقلّبها العجاج، مؤتفكات ولا أحسبهم أنّ لها عملا في ذلك، وإنّما يريدون أنّ عضوفها، إذا اشتدّ وكثر كان ذلك إمارة الزّكاء، ويجوز أن يكونوا أرادوا بالمؤتفكات الرّياح كلّها إذا اشتدّت.

قال بعض الحكماء: الرّياح على ثلاثة أضرب: منها ما هي من الملائكة وصفتها أن تكسح من الأعلى إلى الأسفل، وتهبّ صافية ثم تنقطع، ومنها ما هي حركة الجو، وصفتها دوام هبوبها صافية، وكدرة سفلا وعلوا.

وروى طاوس في خبر يرفعه: لا تسبّوا الرّياح ولا المطر ولا الرّعد ولا البرق، بعثن رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين. وفي حديث آخر: لا تسبّوا الرّيح فإنّها من نفس الرّحمن. وفي آخر: ما هلك قوم ولا عاش آخرون إلا بهبوب الرّياح ودرور السّحاب.

وذكر بعضهم أنّ الروم تسمّي الأمطار والرّياح نقالات الدّول. وعن سفيان الثّوري:

الدّعاء عند هبوب الرّياح وتحت المطر لا يرد.

وقال بعضهم: النّسيم الطّيب صديق الرّوح، قال: والرخاء: ريح سليمان وكانت تحمل عرشه، وقيل: النّسيم بدو كلّ ريح، يقال: نسمت الرّيح.

ويروى عن عبد الله بن عباس أنه قال: الرّياح في كتاب الله ثمان: أربع منها رحمة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015