وصوّح البقل ناج تجيء به ... هيف يمانية في مرّها نكب

فجعلها النّكباء التي تلي الجنوب. وقال الكعبي المنقري:

تمرع إذ تسعى بها ذو إيالة ... من الحرّ ما كانت مذانبه خضرا

يصف راعيا تمرع طلب مريع الكلأ. تسعى بها: تتمادى في الطّلب. ذو إيالة: حاذقا بمعالجة الإبل والقيام عليها. والمذانب: المشارب وذلك أنّ الثّريا إذا طلعت سحرا تحوّل جميع أهل المراتع إلى المحاضر ليبس الكلاء، ونضوب الماء، وذهاب الجز، فلا يبقى في المراتع إلّا من يتولّى رعيه الإبل بنفسه، ويتشيّع سرار الغيطان، وبطون الأودية. والعلان:

التي فيها بقايا الرّطب، ولا يكون ذلك التّخلف إلّا شهرا وبعض آخر، وهو من وقت طلوع الشّرطين، لستّ عشرة ليلة نحو من نيسان إلى وقت طلوع الثّريا يخلو من أيار إلى طلوع الدّبران وهو لليلة من حزيران وأنشد:

أقمن شهرا بعد ما تصيّفا ... حتّى إذا ما طرد الصّيف السّفا

قرين بزلا ودليلا محشفا ... وبدّلت والدّهر ذو تبدّل

هيفا دبورا بالصّبا والشّمال

فلم تزل الشّمال عالية زمان العشب ووقت الحركة، حافظة لبلولة النّبات لروحها حتى إذا انقضت أيامه، ودخل الصّيف ذهب سلطانها وهبت الجنوب فدافعتها.

وإنّما سمّي الهيف لحرّها ويبسها، ولذلك قيل للسّريع العطش: المهياف ورجل هاف، وامرأة هافة، وقد هاف الرّجل إذا عطش.

وقال الكلابي: الهيف أوّل السّموم وقد يجعل كلّ ريح هبت بحرّ هيفا وإن كانت الشّهرة في ذلك للجنوب والدّبور. والنّكباء التي بينهما. هذه أغلب الرّياح على الهيف وقال ذو الرّمة يصف عيشا ونساء انتجعنه شعرا:

ألقى عصى النّوى عنهنّ ذو زهر ... وحفّ على ألسن الرّواد محمود

حتّى إذا وجفت بهمى لوى لبن ... واصفرّ بعد سواد الخضرة العود

وغادر الفرخ في المثوى تريكته ... وكان من حاضر الرّجلين تصعيد

ظللت تخفق أحشائي على كبدي ... كأنّني من حذار البين مورود

قوله: ذو زهر يريد بها نباتا ثم واكتهل فظهرت زهرية يريد استغنى به عن انتجاع.

وقوله: وحفت: أي يبست فطيرته الرّيح، وقوله: غادر الفرخ تريكته أي بيضته التي خرج منها، وهذا باب واسع. فأمّا قول الآخر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015