الاذكياء (صفحة 44)

مَا نقرب إِلَى من أَعْطَانِي فَوق حَقي وبلغنا عَن الرشيد أَنه رأى يَوْمًا فِي دَاره حزمة خيزران فَقَالَ لوزيره الْفضل بن الرّبيع مَا هَذِه فَقَالَ عروق الرماح يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلم يرد أَن يَقُول الخيزران لموافقته اسْم أم الرشيد وَقَالَ الْفضل إيَّاكُمْ ومخاطبة الْمُلُوك بِمَا يَقْتَضِي الْجَواب فَإِنَّهُم أَن أجابوكم شقّ عَلَيْهِم وَأَن لم يجيبوكم شقّ عَلَيْكُم

قَالَ ثَعْلَب قلت لِلْحسنِ بن سهل وَقد كثر عطاؤه على اختلال حَاله لَيْسَ فِي السَّرف خير فَقَالَ بل لَيْسَ فِي الْخَيْر سرف فَرد اللَّفْظ وَاسْتوْفى الْمَعْنى وَرَأى الْفَتْح بن خاقَان فِي لحية المتَوَكل شَيْئا فَلم يمسهُ بِيَدِهِ وَلَا قَالَ لَهُ شَيْئا وَلكنه نَادَى يَا غُلَام مرْآة أَمِير الْمُؤمنِينَ فجيء بهَا فَقَالَ بل بهَا وَجه حَتَّى أَخذ ذَلِك الشئ بِيَدِهِ

حَدثنَا أَبُو عَليّ بن مقلة قَالَ كنت أكتب لأبي الْحسن بن الْفُرَات أخدم بَين يَدَيْهِ فَأول شئ برزق عشرَة دَنَانِير فِي كل شهر وَهُوَ يخلف أَخَاهُ فِي ديوَان السوَاد ثمَّ زَادَت حَاله فرقاني إِلَى ثَلَاثِينَ دِينَارا فِي كل شهر فَكنت كَذَلِك مَعَه إِلَى أَن تقلد الوزارة الأولى فَحصل رِزْقِي خَمْسمِائَة دِينَار فِي كل شهر ثمَّ أَمر بِقَبض مَا فِي دور الْمُخَالفين الَّذين بَايعُوا ابْن المعتز وَكَانَت أمتعتهم تقبض وَتحمل إِلَيْهِ فيراها وينفذها إِلَى خَزَائِن المقتدر فجاؤوه يَوْمًا بصندوقين فَقَالُوا لَهُ هَذَانِ وجدناهما فِي دَار ابْن المعتز فَقَالَ أفعلمتم مَا فيهمَا قَالُوا نعم جرائد من بَايعه من النَّاس بِأَسْمَائِهِمْ وأنسابهم فَقَالَ لَا تفتح ثمَّ قَالَ يَا غلْمَان هاتوا نَارا فجَاء الفراشون بفحم وَأمرهمْ فأججوا النَّار وَأَقْبل عَليّ وعَلى من كَانَ حَاضرا فَقَالَ وَالله لَو رَأَيْت من هذَيْن الصندوقين ورقة وَاحِدَة لظن كل من لَهُ فِيهَا اسْم أَنِّي قد عَرفته فتفسد نيات الْعَالم كلهم عَليّ وعَلى الْخَلِيفَة وَمَا هَذَا رَأْي حرقوهما قَالَ فطرحا بأقفالهما فِي النَّار فَلَمَّا احترقا بِحَضْرَتِهِ أقبل عَليّ فَقَالَ يَا أَبَا عَليّ قد أمنت كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015