وأن معظم سفري التكوين والخروج قد أُلِّفَ حوالي القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وأن سفر التثنية قد ألف في أواخر القرن السابع قبل الميلاد، وأن سفري العدد واللاويين قد أُلِّفَا في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، وأنها جميعًا مكتوبة بأقلام اليهود، وتتمثل في هذه الأسفار عقائد وشرائع مختلفة تعكس الأفكار والنظم المتعددة التي كانت سائدة لديهم في مختلف أدوار تاريخهم الطويل، فهي إذن تختلف كل الاختلاف عن التوراة التي يذكر القرآن أنها كتاب سماوي مقدس أنزله الله تعالى على موسى -عليه السلام.

وبهذا نرى أن سند التوراة الحالية منقطع، وأنها كتبت بعد موسى -عليه السلام- بأزمنة مختلفة وبأياد متعددة، ورحم الله الشيخ رحمة الله الهندي فقد تناول في الكلام على أسفار العهدين العتيق والجديد، أي: التوراة والإنجيل كل باب من أبوابها، واستشهد من كلام مؤرخيهم وعلمائهم على تبيان المطعون فيه من الأبواب والآيات، وبين بالحجج الدامغة: أنه لا يوجد لدى علمائهم سند متصل لأيِّ كتابٍ من كتب العهدين ثم تناول بعد ذلك ما في الكتابين من الاختلاف والأغلاط، ثم عقد بابًا خاصًّا؛ لإثبات التحريف في كتب العهدين القديم والجديد مصداقًا لقوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} (النساء: 46).

وأثبت أن بعض هذا التحريف كان عن عمد، وكان يأتي التحريف أحيانًا بالزيادة وأحيانًا بالنقصان وأحيانًا بالتبديل اللفظي، وساق على التحريف بالزيادة خمسة وأربعين شاهدًا، كما ساق على التبديل اللفظي خمسة وثلاثين شاهدًا.

أما التحريف: بالنقصان فقد ساق عليه عشرين شاهدًا مما يدل على سعة اطلاع، وتتبع حريص لإقامة الحجة عليهم من كتبهم، فمن أراد معرفة المزيد من تناقض التوراة التي بأيدي اليهود الآن وتحريفها، فليرجع إلى كتاب (إظهار الحق) للشيخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015