إن هذا النوع القاسي من التكبيل بالقيود معروف من سجلات الشهداء المسيحيين، ولقد أمضى في تلك الحالة الأيام الممتدة ما بين التاسع عشر من شهر كانون الثاني والرابع عشر من شهر شوبار من عام مائتين وست وسبعين ميلادية، أو حسبما يذكر تقريري آخر من الحادي والثلاثين من شهر كانون الثاني إلى السادس والعشرين من شهر شوباط مائتين وسبع وسبعين، وفق قاعدة شرقية قديمة كان ماني قادرًا خلال هذه الأيام الستة والعشرين أن يرى حوارييه، ويتكلم معهم، ولما شعر ماني باقتراب نهايته أعطى أتباعه المقربين توجيهاته خاسة ومناسبة، وقد قام مارآموا الذي كان حاضرًا لدى إعطاء ماني لتوجيهاته هذه بنقلها إلى صلب الديانة المانوية، فيما بعد.

ثم خارت قوة ماني الذي كان في الستين من عمره، ولم يعد بإمكان جسده الذي أضعفه الصيام، وأضناه الكبت أن يتابع تحمل الأغلال الثقيلة؛ فانهار في اليوم الرابع من شهر شهريفر، ومات فصعد من جسده في الساعة الحادية عشر إلى مساكن جلالته في عليين، وحضر ذلك راهب مانوي اسمه عازاي، واثنان من الصديقين، وانتشر خبر موت ماني بسرعة متناهية في أرجاء مدينة بيت لابات، وتجمع الناس في جماعات كبيرة، وأمر الملك العظيم بغرس مشعل محترق في جسد ماني؛ ليتيقن فيما إذا كان زعيم الديانة البغيضة ميت بالفعل، ثم مزقت جثته، وقطع رأسه، وعلق فوق باب بيت لابات، ثم قام فيما بعد الأتباع المخلصون له بدفن البقايا الفانية في طيسفون.

وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015