وقد قلنا: إن مثل هذا التقسيم لا يصلح أساسًا علميًّا لتحديد التأثير الفني في المواقف العامة للمسرحية، والخلط بين الموضوعات والمواقف يؤدي إلى لبث في فهم المواقف، وينتج عن أعطاء فنية كثيرة في تحديد الصلات الأدبية، وكل ما نستطيع أن نحدده من صور الموقف العام بهذا المعنى: أنه يستلزم وجود قوة إنسانية تتجه بجهدها نحو غاية خاصة، وتظل حريصة على الحصول على خير، وعلى تجنب أمر.

وإلى جانب هذه القوة الدرامية المتمثلة في شخصية البطل، تقوم أخرى منافسة لها، وتكون بمثابة عائق في سبيل الوصول إلى الغاية المنشودة بالشخصية الأولى، وبها يحتدم الصراع، وتَكسِبُ المسرحية قوتها الحيوية، وبين هاتين القوتين قوة ثالثة، تُمَثّل الخير المطلوب، أو المثال المنشود أو الخطر المرهون.

وقد تبدو هذه القوة في صورة شخصية هي المحبوبة مثلًا، وهي بمثابة القطب الذي يتركز حوله الصراع، وهي مركز الإشعاع القيمة أو المثال الذي تبذل التضحيات في سبيله، يضاف إلى ذلك قوة رابعة، وهي القوة التي يُطلب لها الخير المنشود، أو المثال الحقيقي أو الوهمي، وقد تكون هذه القوة ممثلة في صورة شخصية من الشخصيات المُستقلة كما في مسرحية "أندروماكر راسين".

وهذه القوة الرابعة قد تظهر في الشخصية الممثلة لها على المسرح، وقد لا تظهر، ولكن ظلالها حاضرة دائمًا على القارئ أو أمام القارئ أو المشاهد، كما في حالة "ستيناكس" في مسرحية "راسين" وكما إذا كان الخيرُ مَنشودًا للوطن مثلًا.

والقوة الخامسة الممثلة في الصراع هي: قوة الحُكم أو القوة التي تزن الموقف، وتميل كفته إلى ناحية من النواحي، وقد تتمثل في البطل نفسه، وقد تتمثل في الشخصية الممثلة الخير المنشود، وأخيرًا تأتي القوة العوامل أو المساعدين إلى آخر ما قلناه من قبل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015